طالب عالم المصريات الدكتور أحمد صالح بتغيير تاريخ الاحتفال بيوم العمال العالمى، الذى يحتفل به فى أول شهر مايو من كل عام إحياءً لذكرى نضال حركة عمالية وقعت فى ولاية شيكاغو الأمريكية فى القرن الـ19 إلى شهر نوفمبر الذى وقع فيه إضراب أجدادنا عمال مصر القدماء منذ 3168 عاماً.

وأشار صالح، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء، إلى أن أول إضراب فى تاريخ البشرية قام به العمال المصريون القدماء للمطالبة بأجورهم فى نوفمبر عام 1154 قبل الميلاد، وذلك أواخر عصر الملك رمسيس الثالث الذى تعرضت مصر خلاله لكثير من المصاعب الخارجية والداخلية، وكان الاقتصاد المصرى يعانى من انهيار، كما تعرض الملك نفسه لمؤامرة على حياته.

وقال إن أحداث هذا الإضراب والاعتصام قد سجلت فى بردية تسمى "بردية تورين"، وهى موجودة حالياً فى إيطاليا وكتبها كاتب يدعى أمون- نخت بن أبوى، الذى عاش فى قرية دير المدينة التى تقع غرب الأقصر خلف قرية قرنة مرعى بحوالى كيلومترين، وهى القرية التى كان يعيش فيها العمال المضربون مما يعنى أنه شاهد عيان على الأحداث التى كتبها فى هذه البردية.

وأضاف أن تلك البردية ذكرت قصة 10 أيام من تاريخ مصر لم يتسلم العمال أجورهم فقرروا أن يعبروا عن رفضهم العمل بكل الوسائل الاحتجاج، والاعتصام، والإضراب عن العمل، واعتصموا بوسائل اكتشفها الغرب حديثاً، وهى اختراع مصرى وهو الاعتصام بحمل المشاعل ليلاً.

وأوضح صالح، أنه خلال هذه الأيام والمظاهرات تركزت مطالب العمال فى 3 مطالب أساسية، هى صرف الأجور المتأخرة، ومحاربة الفساد الذى تفشى بين رؤسائهم (سرقة – فساد خلقى واجتماعى) وإيصال صوتهم إلى فرعون مصر ووزيره، وتضمنت وسائلهم فى التعبير عن مطالبهم فى التجمع والتظاهر فى أماكن العمل (المقبرة) والأماكن الدينية (معابد تحتمس الثالث – الطريق الصاعد لمعبد منتوحتب الثالث - معبد سيتى الأول – معبد الرامسيوم – معبد مرنبتاح) فى أوقات النهار.

وتابع قائلاً "إن وسائل التعبير عن مطالب العمال المصريين تضمنت الإضراب والتوقف عن العمل، والاعتصام نهارا بالإقامة فى أماكن العمل أو المعابد والاعتصام ليلا بالمبيت فى الأماكن المذكورة أو حمل المشاعل كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج وعرض المطالب فى إفادة مكتوبة أو شفاهة ووجود زعيم يقود المظاهرة مثل بن انوكى الذى عرض مطالب العمال واتهاماته للإدارة الفاسدة، واستغلال زيارة المسئولين لعرض المطالب مثل تواجد الوزير فى مهمة فتم عرض مشكلة العمال عليه.

وأشار صالح إلى أن استجابة الحكومة لحركة العمال كانت تظهر فى محاولة إيجاد حلول مؤقتة ومسكنة للعمال كصرف جزء من الأجور وذلك بسبب نفاذ مخزون الحبوب من الصوامع بعد أن وجهت الدولة كل جهودها ناحية المنشآت العامة والحروب الخارجية والاحتفالات المكلفة كحفل تتويج الملك رمسيس الثالث، كما استخدمت الحكومة وسيلة الإقناع لإيقاف التظاهر أو الإضراب والاعتصام، واستخدام وسيلة تهديد العمال بمحاكمتهم، وبدت استجابة الحكومة فى تعاطف المسئولين مع الحركة العمالية مثل رئيس الشرطة منتومس والذى يبدو انه أقيل من منصبه بعد ايام قليلة من إبداء التعاطف.

وسرد الدكتور أحمد صالح قصة هذا الإضراب، مشيراً إلى أنه عندما نفدت الأجور من الأعمال فى الثلث الأول من الشهر وانتظر العمال 12 يوما، وعندما تأخرت الأجور قالوا "إننا جوعى" وجمعوا أنفسهم معا، وقالوا للمشرفين عليهم قولوا لرؤسائكم إننا لن نعود للعمل"، واقترب المضربون من المخازن ولكن لم يقتحموها، وقالوا "نحن نموت من الجوع والعطش، ليست لدينا ملابس ونفتقد الزيت وليس لدينا سمك أو خضار، أرسلوا إلى الفرعون مولانا وحاكمنا بأن يرسل لنا الإمدادات".

وذكر صالح بعض مواقف عمال مصر القديمة أثناء اعتصامهم وإضرابهم وسجلت على بردية "تورين" ومن أبرزها إعلان رئيس الشرطة منتومس انضمامه للعمال، حيث قال "ها أقولكم رأيى، روحوا وجمعوا أنفسكم، واقفلوا أبواب بيوتكم، وجيبوا زوجاتكم أولادكم، وأنا ها أقودكم إلى معبد من- ماعت- رع (معبد سيتى الأول بالقرنة) قيام العامل مس بن عا- نخت بالتهديد بسرقة مقبرة والذى قال "بحق أمون الحامى وبحق الفرعون الذى غضبه أعظم من الموت، لو خرجت من هنا، لن يأتينى النوم إلا لما أعد العدة لسرقة مقبرة.



أكثر...