أثارت جوائز الدورة الـ67 لمهرجان كان السينمائى الدولى، التى أعلنت فى منتصف الأسبوع الجارى، جدلا كبيرا وانتقادات حادة حول الأفلام التى حصلت على الجوائز، وتساءل الكثير من النقاد كيف تقوم لجنة التحكيم والمشكلة برئاسة مخرجة فيلم البيانو النيوزلاندية جين كامبيون، بمنح جائزة لجنة التحكيم الخاصة مناصفة لأيقونة السينما الفرنسية جان لوك جودار والمخرج الكندى الشاب دولان؟ كما أن الجوائز جاءت بعيدة عن توقعات النقاد إلى حد ما، الذين رأوا أيضاً أن أفلام المسابقة الـ18 لم تكن على درجة كبيرة من التميز.

ولعل فوز فيلم Winter Sleep للمخرج التركى الكبير نورى بيلج سيلان بجائزة السعفة الذهبية كان قريبا من توقعات النقاد، لما يحمله من صورة ومحتوى راق يخاطب الوجدان، وهو الفيلم الذى يروى قصة آيدن، ممثل مسرحى سابق، ابتعد عن التمثيل، يعيش فى قرية جبلية، حيث يملك فندقا وعقارات أخرى ويكتب مقالات فى صحيفة محلية ويريد تأليف كتاب عن تاريخ المسرح التركى، وهو متزوج من «نهال» التى تصغره بسنوات كثيرة وتعمل فى المجال الخيرى، وأخته نجلاء التى انفصلت حديثا عن زوجها وتدور الأحداث فى فصل الشتاء، حيث البرودة الشديدة فى الخارج تجعل الشخصيات تقبع داخل البيوت معظم الوقت ويصطدم بعضها ببعض، والنقاش الذى يدور بينهم يدور حول المبادئ والمثل، ويكشف تساؤلات ملحة حول حقيقة ما ندعيه من مبادئ أو نعتقد صادقين أننا نملكها، ويعتبر المخرج من المخرجين الذين يملكون أسلوباً خاصاً، وهو ما جعله من أهم الأسماء فى تركيا، رغم أن أفلامه تعتمد على ميزانيات متواضعة ولكن بفنيات وتقنيات عالية، ويشار إلى أن أفلاماً لمخرجين كبار كالمخرج الصينى زانج ييمو تعرض خارج المسابقة، بل إن فيلماً لفيندرز، وهو أحد المكرمين فى المهرجان وله أفلام مهمة جداً، قد وضع فى مسابقة «نظرة ما»، وهى مسابقة أقل مرتبة من المسابقة الرسمية.

ونجح الفيلم الأمريكى Foxcatcher فى انتزاع جائزة أفضل مخرج للأمريكى بينيت ميلر، وفى فئة التمثيل فقد ذهبت جائزة أفضل ممثل للبريطانى المخضرم تيموثى سبال عن دوره فى فيلم Mr.Turner، بينما كانت الجائزة النسائية من نصيب النجمة الأمريكية جوليان مور عن فيلم Map To the Stars.

أما أهم الانتقادات التى انطلقت بعد إعلان الجوائز، فهو انتقاد موجه إلى جائزة لجنة التحكيم وحول تقاسمها بين مخرجين الأول المخرج الكبير أيقونة السينما الفرنسية جون لوك جودار، والثانى الكندى إكزافيير دولان عن فيلمه mommy.

وهو الأمر الغريب بالنسبة لفيلم ومخرج فى حجم جودار، خاصة أنه عرض فيلما مليئا بالصور ثلاثية الأبعاد وصور الفيلم علاقة عاطفية بين رجل وامرأة متزوجة ومشاهد كلب ضال ولصوص فى سيارة مرسيدس يهددون بإطلاق النار على أشخاص فى بلدة تطل على شاطئ بحيرة جنيف، ونال الفيلم تصفيقا كبيرا جدا، وكان هناك عدد كبير من النقاد أشادوا بالفيلم، وظل الجمهور يصفق بعد انتهاء الفيلم لدقائق كثيرة لما قدمه المخرج من كسر لكل التابوهات التقليدية فى السينما واستخدامه الصور ثلاثية الأبعاد بحرفية شديدة جدا وهو أيضا الفيلم الذى تم بناؤه الفكرى بشكل أقرب للبناء الكلاسيكى، فالفيلم خلال مدة عرضه الـ70 دقيقة يحمل جرعة فنية مكثفة، أما بطلة العمل جيسيكا أريكسون فأشاد بأدائها الناقد «جاى لودج»، فكتب أنها استطاعت أن تقدم دورها وكأنها تمتلك موهبة نجمة مخضرمة، والعمل أيضا من تأليف جون لوك جودار وبطولة جيسيكا أريكسون وكاميل ابدلى وديميترى باسيل وزويه برونو، ورغم ذلك فإن البعض كان له رأى آخر ومنهم الناقد طارق الشناوى، الذى يقول: قد يرى البعض فيما شاهدناه فى فيلم «جودار» المصور طبقا لتقنية الأبعاد الثلاثة ما يمكن أن نطلق عليه جنون الفن، وكأنه يحاكى المقولة الشهيرة الفنون جنون، حاولت أن أجد رابطا بين الشخصيات الرئيسة الثلاثة فى فيلم جودار الرجل العازب والمرأة المتزوجة والكلب المحتار بين فصول السنة ثم فى النهاية اختلاط بكاء طفل مع نباح كلب وصفقات مالية، وكل يفسر الفيلم والشخصيات كما يحلو له، بالنسبة لى لا أخجل أن أقول لكم: إننى لم أجد ما يروق لى فى هذا الفيلم رغم أن كثيرا من النقاد ظلوا يصفقون لعبقرية المخرج عشر دقائق متواصلة! وكانت الجائزة الكبرى من أهم المفاجآت فى إعلان الجوائز، حيث ذهبت للمخرجة الإيطالية أليس رورواتشر عن فيلمها The Wonders، الذى نال إعجاب النقاد وفضّلوه على أعمال أخرى لمخرجين أكثر شهرة وخبرة.

أما جائزة أفضل ممثلة التى شهدت منافسة كبيرة بشهادة النقاد، والتى تنافس عليها أكثر من 5 ممثلات فحصلت عليها الممثلة جوليان مور عن فيلم Maps to the Stars، فيما رأى عدد كبير من النقاد أن ماريون كوتيار كانت أحق بالجائزة من جوليان مور بفيلمها «DEUX JOURS, UNE NUIT» الذى شارك فى إخراجه الأخوان البلجيكيان جون بيار داردان ولوك داردان.



أكثر...