المحامي والدفاع عن الارهابيين بين الشرع والقانون تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

الدكتور عبدالقادر محمد القيسي ان المحامي او الوكيل بالخصومة جزء من المحكمة، ولا يتم القضاء الا بحضوره وذلك استدعى التنظيم الكامل لهذه الصناعة الشريفة عند بعض الامم وبقيت في التنظيم القضائي الاسلامي عفوية ولا ناظم له وذلك لان الوكالة في الاصل طوعية مجانية وليست صناعة يرتزق منها فهي الى المروءات والاريحيات والنخوات اقرب وربما اعتبرت في حديث الرسول (r) ((صدقة )) لأنها لا تعدو كلمة خير يقولها الاخ عن اخيه او الوكيل عن موكله ثم اصبحت الوسيلة للارتزاق كبقية الصناعات الاخرى ونظمت في العصور الاخيرة. ولأهمية مهنة (المحاماة) وقدسية رسالتها فقد تم وضع الانظمة لها واقيمت لها نقابات في جميع بلدان العالم والتي حددت انظمتها واهداف النقابة وشروط العضوية فيها ومجالس اداراتها وواجبات المحامي وحقوقه وغيرها، ومن هذه الشروط دفاعه عن الحق بالطرق المشروعة. وبذلك يصبح الإحساس بالعدالة هو الأساس القوي الذي تنبني عليه المواطنة الصادقة وخير مؤشر على أن الوطن يسير في الطريق الصحيح، معرفته بالحقوق والواجبات وتحقيقه للعدالة والنزاهة. هل يجوز للوكيل (المحامي) اذا عرف ان موكله مذنباً او ارهابيا او مجرما او ظالماً او على باطل ان يدافع عنه ويقوم بعرض ظروف مختلفة للجريمة او الواقعة وطمس للحقائق، من خلال العودة إلى ممارسات العدالة التقليدية والتطرف السياسي المدفوع بتوجهات دينية، وبعيدا عن إطار الحق وغرضه استهداف تحقيق العدالة بالمغالطة ويسعى للمطالبة بالبراءة او الافراج او استعمال الرأفة التي قد يكون المحامي مقتنعاً بها عن إخلاص ؟ وسأجيب عن هذا التساؤل من خلال مناقشة الموضوع من ناحية شرعية وقانونية، واضعا نصب عيني بعض الممارسات التي كنت اتابعها في المحكمة الجنائية المركزية(بصفتي رئيس غرفة المحامين السابق) والصادرة من بعض المحامين والمحاميات الذين يحرفون الوقائع ويقفزون على الحقائق، رعاع لا يعرفون للعهد معنى ولا للمسؤولية مضمون، وعلى النحو الاتي : مهما تغير نظام القضاء وتبدل واختلف في اجراءاته فإنما الهدف والمبدأ الشرعي والقانوني ثابت وواحد وهو احقاق الحق وجلب المصالح ودرء المفاسد وليس هذا التبدل والتغيير الا تبدل الوسائل والاساليب الموصلة الى غاية الشرع فان تلك الاساليب في الغالب لم تحددها الشريعة بل تركتها مطلقة لكي يختار منها كل ما هو اصلح في التنظيف نتاجاً وانجح في التقويم علاجاً. يمكن استخلاص ابرز الدواعي لتوكيل المحامي ليتولى اجراءات الخصومة بكفاءة دفاعا عن موكله ومرشداً له في صحة مسيرته في الخصومات، من ابرزها : جهل اغلب الناس بأحكام الانظمة الوضعية المتشعبة في المجالات الجزائية والمدنية والمالية وغيرها امام المحاكم خصوصا الجزائية وخاصة بعد ان تنوعت تلك الدعاوى وتطورت تشريعاتها وكثرت الاجتهادات حولها ويتطلب الدفاع فيها براعة ودقة وعلما في مختلف درجات الدعوى. عجز الكثيرين من المتخاصمين عن الدفاع عن مصالحهم ومناقشة خصومهم واثارة النقاط القانونية في منازعاتهم وايضاح المسوغات المخففة والاعذار الشرعية للمتهم وشرح ظروف الفعل الجنائي او الواقعة او اسباب الخلاف وتقديم البيانات المقيدة ومدى صلاحية المحاكم والاجراءات النظامية فيها واسلوب المراجعات والاجراءات التحقيقية والطعن في القرارات الصادرة مما لا يتسنى القيام به الا لرجل مختص في القانون . ارتباط الكثير من المتخاصمين بوظائف رسمية او بشركات خاصة او مهن حرة يمنعه من متابعة سير الدعوى وحضور جلساتها المتكررة، وتشتد الحاجة الى التوكيل عندما تكون الجهة المخاصمة جهة حكومية او شخصية اعتبارية حيث يتطلب حضور من يمثلها بصفة قانونية ولن يتحمل فيها احد مسؤولية الدفاع عن الجهة الموكلة ومتابعة سير الدعوى واجراءاتها وتقديم ادلتها الثبوتية الا من توفرت فيه المقدرة العلمية والخبرة الواسعة والصفة القانونية(المحامي) . خوف احد طرفي النزاع من انحراف سير الدعوى ضد مصلحته ورغبته الملحة في وصوله الى حقه المشروع والدفاع عنه من خلال توكيل المحامي القادر على توجيه الدعوى الوجهة السليمة بما يملكه من قدرات عملية او خبرات طويلة في ميدان المحاماة او القضاء او بما يتمتع به من مكانة مرموقة وبذلك يطمئن الموكل على سلامة الدعوى لوجود من يعمل على تنبيه القاضي للوجهة الصحيحة قبل اصدار قراره باطلاعه على دفوعات اطراف النزاع وادلتهم ووجهة نظرهم فيها ومدى مطابقتها للأنظمة المعمول بها وبدراسة المناقشات القانونية التي تدور بين وكلاء الخصمين وهذا يحقق في الواقع نوعا من الرقابة الواعية على الدعوى من قبل المحامي الوكيل حيث يلفت النظر الى المواد القانونية والادلة الثبوتية ويرد على القرارات الصادرة من القاضي عند الاقتضاء وقد يحمله على التراجع عنها او يدعوه الى الرد على النقاط القانونية التي اثارها في دفاعه عند صدور القرار القضائي كما يمنع المحامي زميله المحامي الخصم من ممارسة الضغوط والتجاوزات غير القانونية التي توقع الضرر بموكله . اعتماد القاضي في الدعاوى الجنائية على قناعته وضميره ثم خطورة قرار الادانة على الفرد نفسه وماله وسمعته، لذا من الضروري وجود محامي يرعى شؤون موكله القانونية، اذ لا يكتفي القاضي في الدعاوى الجنائية بالأدلة الثبوتية التي يقدمها الخصوم وانما يسعى الى تحقيق وكشف الحقائق التي تكون قناعة الشخصية التي يطمئن اليها وبذلك تكثر في الدعاوى الجنائية المرافعات الشفوية والطلبات المتعددة للتأثير الوجداني على القاضي واقناعه بالقضية التي يدافع عنها المحامي. يزداد شعور طرفي النزاع في الدعاوى الجنائية بالحاجة الى من يتولى الدفاع عنهم عندما يقرر القاضي اجراء المحاكمة بصورة سرية لأسباب امنية او خلقية فتفقد المحاكمة اهم ضماناتها الشرعية في اعلانيتها ومراقبة الجمهور لسيرها ولخطورة قرار الادانة في المحاكمة الجنائية، وتأكيد لحق الدفاع العادل، فقد اوجبت التشريعات الحديثة وجود المحامي فيها عند عجز المتهم عن تأمين من يدافع عنه في الدعاوى الجنائية الخطيرة وعن محاكمة الاحداث. واصبح من القواعد الاساسية التي اوجبها القانون ان تكون الاستعانة بالمحامي الزامية لكل متهم يمثل امام محكمة التحقيق وهذا ما اكدته المادة (123) من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ وكذلك للمتهم بجناية واحيل على محكمة الجنايات حيث اوجبت المادة (144/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية انتداب محامي للمتهم؛ ان كان بدون محامي، حتى يكفل له دفاعا حقيقاً لا مجرد دفاع شكلي ولان الاتهام في جناية امر له خطره ولا تؤتي ثمرة هذا الضمان الا بحضور محام اثناء التحقيق والمحاكمة ليشهد اجراءاتها وليعاون المتهم مـعاونـة إيجابية بـكـل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع. ويلزم المحامي بتحري […]

المحامي والدفاع عن الارهابيين بين الشرع والقانون تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...