لا تخطئ العين الحضور المصرى الجارف فى العاصمة الأردنية عمان منذ الوهلة الأولى، فعندما تهبط بك الطائرة فى مطار الملكة علياء الدولى تشعر أنك فى إحدى المحافظات المصرية.

مطار الملكة علياء صمم ليكون نسخة شبيهة بمطار القاهرة حتى مع فارق المستوى وفارق الإمكانات، ومع التعامل مع الأردنيين تشعر أنك تتعامل مع أشخاص مصريين بلكنة أردنية سهلة الفهم وقريبة من اللكنة المصرية.

فى المطار الذى صمم هيكله الإدارى على غرار مطار القاهرة يستقبلك الموظفون بدفئ شديد، وعندما تبدأ فى التحدث، ويعرفون أنك مصرى يبادر الجميع إلى سؤال عن مصر وحال مصر وأهلها الذين أخذتهم السياسة فى بحورها التى لا شاطئ لها.

من المطار الذى يقع فى الجنوى من العاصمة حتى وسط عمان مسافة 35 كم تقريبا، أول ما يدهشك هو أن الحى المجاور للمطار سمى على اسم واحدة من أشهر المحافظات المصرية التى تقع بها الأهرامات الثلاثة ومعظم المزارات الأثرية لأجدادنا الفراعنة.

"الجيزة" حى تاريخى فى جنوب غربى العاصمة الأردنية، وقبل أن تسأل "اليوم السابع" السائق عن مفارقة تشابه الاسمين، يجيب: "الجيزة مثل التى عندكم فى مصر، لكن الجيزة عندكم أكثر تاريخا وحضارة".

ومع الخروج من حى الجيزة لا تخطئ العين تواجد صور الملك عبد الله بكثافة فى الشوارع الرئيسية والجانبية، فلا يكاد يخلو شارع ولا محل تجار من صورته بمختلف الأحجام مع تنوع "اللوكات" فمرة تجد صورة للملك عبد الله الثانى بالزى العربى ومرة صورته بالملابس "الفورمال"، ومرة ثالثة ترى صورته بملابس الحرب العسكرية، ومع كل المرات تجد صورة نجله ولى العهد الأمير حسين بجواره وأخرى صورة والده الراحل الملك الحسين.

على طول الطريق خفيف الازدحام من المطار إلى وسط العاصمة تكتظ أعمدة الإنارة بمخلفات الدعاية الانتخابية البلدية التى أبرمت فى أغسطس من العام الحالى، وسط شعارات مصرية بحتة مثل "مرشحكم للعدالة ولقمة العيش" و"فكر جديد" و"رؤية اقتصادية حرة".

وعلى سلالم جريدة الدستور المعروفة والمتواجدة فى شارع الملكة رانيا بوسط العاصمة يقف صحفيون بالجريدة حاملين لافتات تطالب بحقوقهم ورواتبهم على غرار ما يحدث فى مصر وكأن الصحفيين الأردنيين استلهموا التجارب المصرية فى اقتناص الحقوق والحريات فطبقوها كما هى.

ووسط كل تلك الأجواء تلاحظ الحضور المصرى فى كل مكان بدءا من أسلوب العمارة مرورا بالمحلات والمولات التجارية التى يمتلك أغلبها رجال أعمال مصريين يستثمرون أموالهم فى الأراضى الأردنية، وحتى الأطباء المنتشرين بكثافة فى مستشفيات العاصمة انتهاء بعمال محطات الوقود الكادحين الذين فروا من قرى ونجوع المحروسة للبحث عن لقمة عيش عزت عليهم فى بلادهم.

أخبرنى فيصل ملكاوى مدير تحرير جريدة الرأى الأردنى الرسمية أن تعداد المصريين العاملين فى الأردن قرابة مليون نسمة من أصل 7 ملايين أردنى هم مجمل تعداد السكان، مضيفا أن النسبة مرتفعة للغاية مقارنة بتعداد السكان.



أكثر...