اتفاق جنيف: تحجيم أم تأكيد لدور إيران في العراق والمنطقة؟ تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

توصلت ايران بعد جولات عديدة وشاقة من المفاوضات مع مجموعة 5+1 إلى اتفاق حول برنامجها النووي. اتفاق لن يقتصر تأثيره على ايران فقط وإنما سيشمل مجمل المنطقة ولاسيما العراق وسوريا، ويثير التساؤل حول الرابح الأكبر من الاتفاق. اتفاق ايران مع مجموعة 5+1 (أمريكا، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) بشأن برنامجها النووي، والذي يقضي بحق إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 5 بالمائة وسماحها بتفتيش منشآتها ومواقعها النووية، مقابل عدم فرض عقوبات جديدة عليها وتخفيف العقوبات الحالية، التي أنهكت اقتصادها بشكل كبير بات ينعكس على حياة الناس اليومية. المتابعون للشأن الإيراني يقرأون الاتفاق بشكل متباين، فنهاك من يرى فيه انتصارا لإيران ونهج الرئيس الإصلاحي حسن روحاني المنفتح على الخارج ولاسيما الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. كما يرون فيه إقرارا من واشنطن بدور طهران الإقليمي ومصالحها في المنطقة وخاصة العراق وسوريا. وبالتالي أفولا لدور حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة وفي مقدمتهم السعودية، التي يقولون بأنها فقدت حظوتها لدى أمريكا. في المقابل، هناك من يقرأ الاتفاقية بطريقة مغايرة، إذ يرى فيها هزيمة لإيران ورضوخا منها للضغوط الغربية بعد أن باتت العقوبات الاقتصادية تأتي أكلها وتنخر في مفاصل اقتصادها. فقبلت بشروط كانت ترفضها سابقا وخاصة ما يتعلق منها بتخصيب اليورانيوم وتفتيش منشآتها النووية. ويضيف أصحاب هذه القراءة للاتفاق بأنه تقليم لأظافر إيران وتدخلاتها في شؤون المنطقة ودولها بدءا من جارتها العراق مرورا بالخليج وسوريا وصولا إلى لبنان وغزة، وأن الاتفاق حول النووي ما هو إلا غطاء لاتفاق سياسي أوسع يشمل تحجيم دور طهران الإقليمي. لكن العراق الجار الأقرب إلى إيران وصاحب الحدود الأطول معها، لاشك سيكون أكثر من تنعكس عليه آثار الاتفاقية والتغيرات في إيران. وهذا ما يثير التساؤل حول دورها المستقبلي في بلاد الرافدين، فهل سيبقى كما هو الآن كبيرا أم سيتراجع؟ وزيرا خارجية ايران والعراق في بغداد تفاهم وتطابق في المواقف تعزيز الدور الإيراني في العراق الدكتور علي رمضان الأوسي، مدير مركز دراسات جنوب العراق، يقول في حواره مع برنامج العراق اليوم؛ إن الدور الإيراني في العراق سيبقى كما هو وربما يتعزز، وإن “دور إيران في العراق ايجابي، إذ أنها ساهمت في إعادة إعمار العراق بعد سقوط نظام صدام” ويقول إن الخطر على بغداد ليس من طهران وإنما من الجيران الآخرين، إذ أن “المجموعات الإرهابية لا تدخل العراق من إيران وإنما عبر الدول الأخرى”. لكن النفوذ الإيراني في العراق كبير، إذ لها علاقات وطيدة وتاريخية مع جماعات وأحزاب سياسية مشاركة في الحكومة، ما يضمن لها حضورا قويا في القرار السياسي العراقي. لكن د. الأوسي ينفي انحيازها لطرف أو مكون عراقي دون آخر أو اقتصار علاقاتها على الشيعة، إذ يقول إن لإيران علاقات مع “كل أطياف الشعب العراقي والشعب الكردي الذي تعاملت وتعاطفت معه على مر التاريخ، والذي عانى الكثير أثناء حكم صدام. وحتى مع السنة لإيران علاقات وطيدة، لكن بعد تدخل بعض القوى الإقليمية التي تريد أن تخرب بين السنة والشيعة” حاولت أن التأثير على علاقاتها مع السنة. وإذا كان النفوذ والحضور الإيراني سيبقى قويا في المشهد السياسي العراقي وربما يتعزز في عاصمة الرشيد، فإن بعض المراقبين يرى أن ذلك قد يؤدي إلى المزيد من الجفاء في علاقات العراق مع دول الخليج ولاسيما السعودية، الخصم الأكبر للجمهورية الإسلامية في المنطقة والتي تسعى هي بدورها أيضا إلى امتلاك القوة النووية ولو لأغراض سلمية. الأوسي في حديثه مع برنامج العراق اليوم، يخالف هذا الرأي. إذ أنه متفائل بتوجه قارب السياسة العراقية باتجاه دول الخليج، التي رحبت في مؤتمرها الأخير الذي عقد في الكويت بتاريخ 11 كانون الأول / ديسمبر 2013، بالاتفاق، ويقول إن هذا الترحيب “يمهد الطريق ليكون لإيران دور كبير في التمهيد وتذليل العقبات بين العراق ودول الخليج” ويتفاءل بتحسن علاقات العراق العربية بشكل كبير بعد اتفاقية جنيف. وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة يتفقان على حل الأزمة السورية، التي ستكون اختبارا لنفوذ ايران في المنطقة مستقبلا جنيف سوريا اختبار لجنيف إيران وماذا بالنسبة لسوريا، الجارة الغربية للعراق، كيف سينعكس تفاهم طهران مع الغرب عليها؟ أغلب المراقبين لا يتوقع أن تتراجع إيران عن دعمها وتمسكها بالأسد ولن تضحي به ونظامه بسهولة، فهي ستتمسك به حتى آخر لحظة، وفي نفس الوقت ستستعى لإنقاذ برنامجها النووي والاحتفاظ بمصالحها في العراق. بل هناك من يذهب إلى أن طهران قد تدعم الأسد أكثر وتمده بأموال جديدة بعد رفع الحظر المفروض على بعض ودائعها المالية في المصارف الغربية، وبالتالي مشروعية قلق ومخاوف المعارضة السورية من تقارب واشنطن وطهران، وهو ما عبر عنه رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا أثناء حضوره قمة دول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في الكويت، إذ قال إن المعارضة تخشى أن يؤدي التقارب الأمريكي الإيراني إلى تقوية النظام السوري لاسيما على الصعيد المالي؛ وأضاف في حواره مع رويترز على هامش القمة “أنا قلق من هذا التقارب من الناحية المالية. لأن هناك أموالا مجمدة لإيران في المصارف العالمية.. هذه الأموال إذا سيلت لصالح إيران يمكن أن يذهب قسم منها للنظام السوري وهذا يزيد الأمر تعقيدا.” وأضاف الجربا أنه نقل هذا القلق للأطراف العربية والدولية “وكانوا متفهمين.” لكن الأوسي لا يتفق مع من يصف دور إيران بالسلبي في الأزمة السورية، رغم إقراره بالتدخل الإيراني. لأن طهران “ترى الحل بيد السوريين أنفسهم سواء أكان النظام أو المعارضة، أما أن يكون هناك تدخل خارجي إقليمي أو دولي فهو مفروض. (وإيران) متفقة مع اللاعبين الكبار في الأزمة السورية على أن الحل العسكري انتهى والكل يتوجه للحل السياسي…. وهي متفقة مع تركيا على أن تكون أداة للحل السلمي”. دول مجلس التعاون الخليجي بدورها رحبت بالسياسة الجديدة للقيادة الإيرانية وباتفاق جنيف في قمتها الأخيرة في الكويت، وكانت إيران كما جاء في حوار الأوسي “قد حاولت طمأنة هذه الدول (الخليجية) بأن قوتها النووية ما هي إلا لمصلحة المنطقة”. لكن هذه التطمينات وهذا الترحيب، هل يعني تسليم دول الخليج وخاصة السعودية، بالهزيمة وتراجع دورها في المنطقة مقابل صعود الدور الإيراني، أم أنها مازالت تمتلك أوراقا يمكن أن تلعبها لاستعادة دورها وعرقلة الاتفاق […]

اتفاق جنيف: تحجيم أم تأكيد لدور إيران في العراق والمنطقة؟ تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...