ستة وثلاثون عاما على رحيل ملك الكوميديا الصامتة الفنان شارلى تشابلن الذى قال عن نفسه: "أنا لا أزال على حالة واحدة، حالة واحدة فقط، وهى أن أكون كوميديا، فهذا يجعلنى فى منصب أكبر من السياسى، شارلى شابلن صاحب أكثر الشخصيات إبداعا وتأثيرا فى عصر الأفلام الصامتة، والذى لا تزال أفلامه تحتل مكانة ثابتة فى عالم الكوميديا رغم مرور 36 عاما على رحيله يوم 25 ديسمبر من العام 1977م لا ترقى كثيرا من أفلام كوميديا اليوم أن تنافسها بالرغم من الإمكانيات الهائلة التى يوفرها التطور التكنولوجى عن زمن الأفلام الصامتة.

نشأته:
شابلن مواليد 16 إبريل 1889، ولد فى لندن لأب مغنى مدمن الكحول انفصل عن والدته وهو لا يزال فى الثالثة من العمر وتوفى جراء تشمع فى الكبد، بينما كان شابلن يبلغ من العمر 13 عاما، وأم ممثلة انتهت حياتها فى مستشفى للأمراض العقلية لينتقل بعدها للسكن فى ملجأ للفقراء فى لامبث جنوب لندن، وانتقل بعد بضع أسابيع إلى وسط لندن تحديدا بحى مدرسة الفقراء فى هانويل.
أول مرة يعتلى المسرح:
اعتلى تشارلى خشبة المسرح لأول مرة عندما كان فى الخامسة من العمر، حيث قام بالأداء فى مسرح الموسيقى فى عام 1894م بدلا عن أمه. وكان أثناء طفولته اضطر للبقاء فى الفراش لأسابيع نتيجة لمرض خطير أصابه، وكانت والدته عندما يحل الليل تجلس بالقرب من النافذة وتمثل له ما يدور فى الخارج قبل أن تنتقل لمستشفى الأمراض العقلية وعندما كان الحادية عشرة، ساعد أخوه فى أن يحصل على دور كوميدى فى إيمائية سندريلا فى مضمار لندن، أما فى عام 1903 م شارك فى العمل "جيم، غراميات ****نى"، ثم تلا ذلك أول وظيفة ثابتة له فى شخصية بيلى، الطفل بائع الصحف، فى شارلوك هولمز والذى عمل فيه حتى عام 1906 م.

واجهت شابلن صعوبات فى بداية الأمر للتأقلم مع أسلوب التمثيل فى كيستون ولكنه سرعان ما تأقلم مع البيئة الجديدة وبدأ مشوار النجاح. كان ذلك، إلى حد ما، بسبب تطوير تشابلن لشخصية الصعلوك التى اشتهر بها، الأمر الذى جعله يرتقى إلى أن أصبح له دور إخراجى وإبداعى وأصبح من أعلام كيستون الشهيرين، وكان آخر فيلم له هو كونتيسة من هونغ كونغ قبل أن يعود بعدها نهائيا لإنجلترا.

راتبه الفنى:
ويظهر من تاريخ ما كان يتقاضاه شابلن السرعة التى ذاع فيه صيته عالميا، وكذلك مهارة أخيه سيدنى فى إدارة أعماله ففى عام 1914 م عمل لقاء 150 دولارا أمريكيا أسبوعيا لدى أستوديو "كيستون"، وفى 1915 انتقل للعمل فى شيكاغو، إلينوى، وتقاضى 1250 دولارا أسبوعيا و10 آلاف دولار علاوة للتوقيع، وما بين 1916 و1917 أصبح يتقاضى 10 آلاف دولار أسبوعيا و150 ألف دولار علاوة توقيع وتضخم هذا الرقم فى نفس العام حين عقد صفقة بمليون دولار مع شركة فيرست ناشينال، وكان أول ممثل يحصل على مثل هذا المبلغ. وكذلك فقد شكل شركة شارلى شابلن للأفلام، وهى شركة إنتاج خاصة به والتى جعلته رجلا ثريا.

فلسفته فى عالم الكوميدية:
"كل ما أحتاجه لصناعة كوميديا هو منتزه، شرطى، وفتاة جميلة"، هكذا كان يتحدث شابلن عن أفلامه التى كان يستعمل فيها الإيماء، والتهريج والعديد من الروتينيات الكوميديا المرئية، وقد استمر بالنجاح حتى فى عصر السينما الناطقة، بالرغم من تراجع عدد أفلامه سنويا بداية من نهاية عشرينيات القرن العشرين.

قام بكتابة وإخراج معظم أفلامه، بداية من سنة 1916 انطلق فى الإنتاج، أما بداية من سنة 1918 فقد عول على ألحانه فى موسيقى أفلامه. أما سنة 1919 فقد شارك صحبة بإنشاء اتحاد الفنانين.

كان شابلن من أكثر الشخصيات إبداعا وتأثيرا فى عصر الأفلام الصامتة.

شخصية الصعلوك:
انطلق مشوار الصعلوك خلال فترة الأفلام الصامتة، بداية من الفيلم الكوميدى أطفال يتسابقون فى فينيس فى7 فبراير 1914، أصبح شابلن من خلال شخصية الصعلوك، وبسرعة أشهر نجوم كسيتون، شركة ماك سانات. استمر شابلن فى تمثيل هذا الدور فى العشرات من الأفلام، حتى فى بعض الأفلام الأطول لاحقا، كما أدى دور أحد أفراد شرطة كيستون فى فيلم ممسك العصابات الذى صور فى 5 يناير 1914.

عرفت شخصية الصعلوك فى فترة الأفلام الصامتة، وقد اعتبر كشخصية عالمية، وعندما بدأت فترة الأفلام الناطقة، رفض شابلن أن يجعل هذه الشخصية متحدثة.

تقاعد شابلن عن تأدية دور الصعلوك رسميا بعد فيلم العصور الحديثة 5 فبراير 1936، الذى انتهى تقريبا بينما كان الصعلوك يسير فى طريق لا ينتهى نحو الأفق. هذا الفيلم يعتبر نهاية الأفلام الصامتة. حيث كان الصعلوك صامتا حتى تقريبا نهاية الفيلم حتى سمع صوته أخيرا، حيث نطق مقطع من أنشودة فرنسية-إيطالية غير معروفة.

حال الكوميدية من السينما الصامتة لعصر الـ3D:

عجينة فنية متكاملة.. هكذا يصف الناقد الفنى طارق الشناوى، المعجزة الفنية المسماة شارلى شابلن، مشيرا إلى أنه كان يكتب أفلامه ويضع لها الموسيقى ويخرج وينتج ويمثل ويغنى وهذه حالة نادرة فى الكون كما يؤكد الشناوى.

عبقرية شارلى الفنية تتلخص فى أنه استطاع أن يضحك شعوب العالم بجميع لغاتها وثقافاتها من خلال لغة مشتركة وهى لغة الحركة.. بهذه الكلمات يوضح الشناوى الفارق بين قدرات شابلن التى حققت له النجومية الساحقة رغم الإمكانيات الضئيلة فى عصره وبين حال الكوميدية فى العصر الحالى بكل ما يتوافر لصناع الأفلام من تقنيات تكنولوجية ومادية، ويتطرق إلى الكوميدية فى مصر: "هناك من يعتمد على الإيفهات الجنسية وهناك من يعتمد على طريقة الكلام الغريبة لكنهم لا يستمرون طويلا فى حين ينجح من يعتمد على الفكرة، ويصنف الفنان أحمد حلمى ضمن هذه الفئة حيث يعتمد على الفكرة المختلفة للإضحاك.

يعود لأفلام شابلن مرة أخرى لافتا إلى أنها تحمل شيء من الحداثة حتى الآن رغم مرور أكثر من 60 عاما على إنتاجها مثل فيلم " العصر الحديث".



أكثر...