أين العدالة… من بطء العدالة؟ تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

      الدكتور عبدالقادر محمد القيسي لاحظت هذا العنوان في احدى الصحف واستعرته لمقالتي هذه، ونقول : يواجه المتقاضون في العراق منذ سنوات طويلة معضلة تتمثل في بطء تحقيق العدالة، اذ تصدر الاحكام القضائية بجميع درجاتها، ويظهر من له حق ومن لا يستحق ذلك الحق، لكن بطء الاجراءات يؤخر فرص المظلوم بحصوله على العدل، وتمتع الظالم بأطول وقت دون أن تطاله العقوبة، والعراق في هذه الحال كغيره من الدول المتقدمة تعاني ايضا من بطء العدالة. فالقضاء إما أن يكون كفؤا نزيها ومستقلا، وإما أن لا يكون، ويصبح لعبة خادعة في أيادي متسخة يكون ظاهرها الحق والعدل وباطنها الباطل والظلم، وإذا كان “العدل أساس الملك” فإنه لا يمكن بالتالي بناء دولة مستقرة بدون عدل ولا يمكن إقامة العدل دون تبني فلسفة العدل، وفلسفة العدل هذه لا تعرف تقديس الأشخاص ولا تقديس المال، ومن تم تعتبر المهمة الموكولة للقضاء من أصعب المهام لأن من شأنها أن تكون منبعا للاستقرار أو للفوضى داخل المجتمع. وتذكيرا، ان محاكم الولايات المتحدة رسم عليها «سلحفاة» في اشارة الى بطء العدالة لديها، لكنه من غير المنطق ألا ننشد نحن الدولة الساعية للمتميز والرقي في  تحقيق هذا الامر، خصوصا ان ثقافة التقاضي أصبحت سائدة لدى مجتمعنا ولا بديل عنها في الحصول على الحقوق التي يطالب بها اصحابها. كما يعتبر القضاء أداة للنهوض بالاستثمار والنماء الاقتصادي، إذا ما عزز مناخ الثقة في الميدان الاقتصادي والمالي والاداري، فالتوجه الذي يسير عليه العالم نحو العولمة والإنفتاح على الآخر والقدرة على المنافسة الشرسة التي تقوم عليها اليوم النظم الاقتصادية العصرية في الاسواق الداخلية والخارجية يجعل من القضاء أداة لضمان الإستقرار الضروري للرقي الاقتصادي وأداة لتوفير مناخ تسوده الثقة لجلب الإستثمار الأجنبي وحافزا حقيقيا للمبادرة والإستثمار الوطني. تورم الإجراءات القضائية يعيق العدالة الناجزة هناك فكرة محورية في مشروع تطوير القضاء، هي تورم بعض الإجراءات القضائية والتي لا تتواءم وفكرة (العدالة الناجزة) والتي هي في النهاية الهدف الأساس لمشروع تطوير القضاء، لذا يفترض إعادة مراجعة كافة الإجراءات القضائية للتخلص من كافة الترهلات البيروقراطية التي تعيق انسياب إجراءات العدالة بسلاسة، وبالتالي تساهم في بطء حركة التقاضي وإنهاء المعاملات القضائية. وفي مثال صارخ وبسيط للتأخير في حسم الدعاوى الجزائية هي عبارة(الضابط ترفق وتقدم بمطالعة مع الاوراق…….) وهذه العبارة متداولة في كافة الدعاوى الجزائية، وربما تأخذ الإجراءات والتدقيق بعد هذه العبارة وقت ليس بالقليل، مع أن هذا الإجراء هو الآخر غير متفهم في عدة مواضع منها مثلا تقديم طلب بتزويد المحامي نسخة من كتاب او تقديم طلب لقراءة الدعوى، فما علاقة الضابط  او المحقق او الضابط بذلك، لاسيما ان امر الموافقة على قراءة اوراق الدعوى منصوص عليها في قانون المحاماة م 27 الا اذا كان التحقيق سري بقرار قضائي مكتوب؛ والمحامي يريد ان يطلع على حيثيات وأسانيد الدعوى الشرعية والنظامية، لذا أصبحت عبارة(الضابط ترفق وتقدم بمطالعة) بمثابة جملة اعتراضية لا أثر لها الا التاخير، وهذا بدوره يعود بنا إلى الترهل في الإجراءات والتي تراكمت خلال فترات زمنية متباعدة وأصبحت جزءا من واقعنا القضائي وأثرت بشكل مباشر على أداء المؤسسات القضائية. البطء ظلم ان البطء في سير العدالة ظاهرة عالمية وليست محلية، ومن ابرز الامور فيها تشعب الحياة، فالقضية لم تعد عن حق واضحة المعالم، والقاضي اليوم يلجأ الى الأذرع الفنية في الامور الحسابية والاقتصادية والفنية وغيرها وقد تؤدي كل هذه الامور الى البطء في تحقيق العدالة.  لقد نص الفقه الفرنسي على قاعدة مرتبطة بالموضوع، مضمونها، ان البطء في تنفيذ العدل ظلم، كما ان البطء في تحقيق العدالة فيه مصادرة لحقوق المطلوب انصافه من الناس، وان بطء العدالة هو عدم انصاف الناس، بحيث يفوت ميعاد تحقيق مبادئ العدالة والانصاف. وفي وضعنا المحلي ارى ان البطء في العدالة له ابعادا اخرى منها على سبيل المثال، الدعاوى التي تصل إلى محكمة التمييز تحتاج الى وقت طويل جدا، على سبيل المثال، حتى تنتهي محكمة التمييز الى ردها او نقضها او المصادقة عليها وبالتالي الالية المتخذة في فحص القضايا وتدقيقها معوق آخر، اضافة الى وجود حلقات ادارية تستغرق وقتا ليس بالقليل في طريقة وصول الدعوى الى محكمة التمييز ورجوعها الى المحكمة الاصلية. وأشير الى ان الاجراءات التي رسمها القانون في بعض القوانين تعتبر معيقة لتحقيق العدالة، ومنها الاعلان وطريقة حصوله واعادة الاعلان وطريقة حصوله والشكوى في الجهاز المعاون، غير متناسين ما يفعله بعض المشتكين من صور للتسويف والمماطلة لأجل ابقاء المتهم اكثر مدة بالمعتقل او بقاء القضية اطول فترة ممكنة لتحقيق اغراض غير مشروعة ولها اشكال متعددة، في الوقت نفسه ان الاجهزة المعاونة (كتبة ومعاونين قضائيين ومحققين ومعتمدين وغيرهم) إن خلت من الرقيب في اداء المنصوص منها لتحقيق الغرض فهي تعتبر معوقا في تطبيق العدالة اذا أُسيء استخدامها او اذا لم تستخدم بالشكل المطلوب الذي يوافق غاية واضع القانون. وفي مصر كانت هناك لجنة مشكلة من الدولة لأجل  تخفيف العبء على المحاكم، واجتمعت اللجنة، للبحث عن حل في تسريع وتخفيف الدعاوى المنظورة امام المحاكم، فكانت هناك خيارات اما ان يصدر القاضي الحكم في وقت معين، او يتم زيادة عدد الدوائر حتى يتم الفصل في القضايا بشكل سريع. وبين الخيارين تم الاخذ بالإكثار من قاعات المحاكم والدوائر العدلية والقضائية اللازمة، وذلك يعتبر حلا لكنه ليس كل الحلول، فلابد من اللجوء الى بعض القوانين التي تؤدي الى تطوير الاجراءات وتطوير اداء القضاء والجهات الساندة له لأجل سرعة الحسم وايصال الحق وتجسيد العدالة. أقرب للظلم  ان العدل البطيء يكون اقرب للظلم، وهذا امر متعارف عليه في مسألة البطء في تحقيق العدالة، في الوقت نفسه، هناك الكثير من الشكاوى والدعاوى يصاحبه عدد كبير من المعتقلين والموقوفين، وذلك ما لا يتحمله النظام القضائي العراقي حتى لو تضاعف عدد القضاة والمحاكم وافراد الجهاز المعاون لهم. ان القضاء بشكل عام ليس بطيئاً، واكثر من يعطل القضاء لحين صدور احكامه وتنفيذها هي الجهات المعاونة، واشير الى مشكلة التأخير في نظر الدعوى لدى المحاكم الجنائية حيث تصل المواعيد الى اكثر من شهر  (خصوصا القضايا التي يكون فيها طلبات كثيرة كإحضار الشهود […]

أين العدالة… من بطء العدالة؟ تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...