أرسل (م) إلى "افتح قلبك" يقول: "أنا مهندس عمرى 31 سنة، من أسرة متوسطة، أعمل فى شركة كبرى صباحا، وأدرس كورسات كمبيوتر مساء كنشاط إضافى، تعرفت على فتاة عن طريق فيس بوك من نحو 3 سنوات، عرفتها لأنها هى أيضا تدرس فى نفس مجالى، فكنت أساعدها مثلها مثل غيرها الكثيرين، كانت تسأل وأنا أجيب.

هى أصغر منى بـ7 سنوات، لكنها شخصية ناضجة، أعجبت بشخصيتها وكلامها، وروحها الحلوة، كما لفت انتباهى حفاظها على الصلاة وفروض ربنا.

بعد تعارفنا بنحو سنة، أخذت خطوة وفاتحتها فى رغبتى بالارتباط بها، فأعطتنى رقم موبايل والدها، وبالفعل كلمته، وزرتهم فى البيت مرتين، وحدث القبول والحمد لله، واتفقنا على الخطوبة فى خلال 3 أشهر، على أن يتم الزواج بعدها بـ6 أشهر، فأصبحت أتكلم معها بحرية أكبر، وأصبح بيننا مكالمات لكن بمعرفة الأهل طبعا.

حدثت بيننا بعض الخلافات، لكنها كانت دائما فى الحدود الطبيعية، لكنها فاجأتنى فى يوم من الأيام بأنها غيرت رأيها، وطلبت منى أن أبتعد عنها، بحجة أنها قررت أن تحصل على درجة الماجستير أولا، قبل أن تنشغل بالارتباط والزواج، طمأنتها أنى لن أمانع، بل سأساعدها لأنى قمت بعمل (تمهيدى ماجستير) فى نفس المجال الذى تريد هى التحضير فيه، لكنها رفضت وأصرت على رأيها، فاحترمته، وابتعدت عنها فعلا، وأنا أغلب ظنى أن السبب كان خلافاتنا السياسية، وحضرتك عارفة طبعا أن مثل هذه الأمور أصبحت تفرق بين أفراد الأسرة الواحدة الآن بكل أسف.

كان هذا منذ سنتين تقريبا، ابتعدت عنها، ولكنى ظللت أتابعها عن بعد عن طريق فيس بوك، حتى عرفت أنها لم يتبق لها غير تيرم واحد وتنهى دراستها، فجددت تواصلى معها، وجددت عرضى بالارتباط بها مرة أخرى، فرحبت وقالت لى إنها فرحانة جدا، فهى لم تحب غيرى، ولكنها كانت تخاف أن يعطلها الارتباط عن تحقيق طموحها، فاتفقنا على أن نعلن خطوبتنا بعد بضعة أشهر، بعد انتهائها من الدراسة.

لكنى اكتشفت ظهور وسواس جديد بيننا غير موضوع السياسة القديم، والذى لم يحل حتى الآن، ألا وهو أصدقاؤها، فهى كونت صداقات جديدة كثيرة من الدراسة، شبابا وفتيات، وبالرغم من أنها تعرف بغيرتى عليها، إلا أنها رفضت التنازل عن هذه الصداقات بحجة أنهم أصدقاء دراسة، وأنها كلها كم شهر وكل واحد يروح لحاله، فقبلت على مضض.

إلا أن هناك شىء آخر لا أستطيع (بلعه)، وهو صداقتها لشخص معين، تقول عنه إنه مثل أخيها بالضبط، فهو ساعدها ووقف بجانبها كثيرا فى دراستها، وإنه شخص متزوج ومحترم جدا، ويتعامل معها كأخت صغيرة له.

اختلفنا كثيرا حول هذا الشخص بالذات، حتى قالت لى مؤخرا أن علاقتها به لن تنتهى حتى بعد زواجنا، فهى ترى أنه لا تعارض بين أن أكون أنا زوجها وحبيبها، وهو أخوها، حتى إنها طلبت منى التعرف عليه وأن نكون أصحابا.

اعترضت كثيرا، واعترض كل من حولها أيضا، حتى هذا الشخص نفسه تفهم موقفى، وقال لها أن معى حقا، لكنها (راكبة دماغها) ومصرة على إنى أنا من يجب أن يغير رأيه، وأن أكون أكثر تفتحا وثقة فيها وفى تصرفاتها وتفكيرها.

دكتورة، أنا أحبها جدا لا أستطيع أن أنكر، ولم أتعلق بغيرها منذ أن عرفتها، لكن كرامتى تأبى أن أقبل هذا الوضع، "فماذا أفعل؟".

وإليك (م) أقول:

أنا أيضا من رأيك يا عزيزى، فربما يعتبر البعض أن هذا (تخلف)، لكنى وبمنتهى الصراحة لا أعتقد فى الصداقة البريئة المأمونة بشكل مطلق بين رجل وامرأة، أنا أيضا لا أستطيع بلعها، وليس معنى هذا أنى أشكك فى خطيبتك أو فى أخلاق زميلها لا سمح الله، فمن الجائز جدا أن تكون علاقتهما فعلا مجرد تعاون ومساعدة حتى الآن، لكن بقاء الوضع على ما هو عليه غير مضمون على الإطلاق، فمن المؤكد أن التفاهم يولد تقاربا، والتقارب يولد ميلا، وما أن وصل اثنان إلى هذا المنحنى إلا تحدث تطورات غير محمودة نهائيا، حتى لو كانت على المستوى النفسى فقط، والأمثلة لا تعد ولا تحصى.

صديقى يعنى أنه الشخص الذى أتحدث معه فى كل شىء، ويعرف عنى كل شىء، ويشاركنى أفكارى وأسرارى وأدق تفاصيلى، فكيف لا أحبه وأتعلق به؟، لهذا أكثر الصداقات أمانا هى تلك التى تكون بين صديقين من نفس الجنس، رجل ورجل، أو امرأة وامرأة، أما أن كان ولا بد من صداقة الجنس الآخر، فلتصادق زوجها، أو ليصادق زوجته، هكذا ببساطة.

لا أقول أن نعيش منعزلين عن بعضنا البعض كرجال ونساء، لأن هذا شبه مستحيل، فنحن زملاء دراسة، وعمل، وأقارب، وجيران، ولن تستقيم الحياة إذا قطعت صلتى بكل هؤلاء، لكن ما أقوله هو أن لكل شىء حدودا، زميل الدراسة أو العمل لا يجب أن يتعدى حدود الزمالة والكلمة الطيبة، أما ما هو أكثر وأعمق وأقوى فللزوج أو الزوجة، أو للصديق أو الصديقة من نفس جنسى.

لتأخذ قرارا أكثر حزما، ولتبلغها به، وهو أنك لا تقبل بهذا الوضع، وأنها هى أيضا لم تكن لتقبل بالوضع المعاكس، لو كنت أنت من طالبتها بتقبل إحدى زميلاتك على أنها (أختك)، خيرها بوضوح أنا أو هو، انتهى الأمر.

وقتها، سيتضح لك قوة حبها لك وتمسكها بك الحقيقيان، فلا أعتقد أبدا أنه يمكن أن يضحى إنسان بمن يحب حقا، من أجل أى علاقة أخرى، مهما كانت أهميتها فى حياته، كن أكثر حزما وليكن ما يكون يا أخى، فأبدا لن تستقيم الحياة بتلك الطريقة التى تطلبها منك، هذا رأيى الشخصى جدا، وطبعا أنت حر.

للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com



أكثر...