“حقنة اربيل القاتلة” تفتك بعيون 30 شخصا والحكومة تحمي نفسها والمتورطين بالمعلومات المضللة تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

تحقيق: موفق محمد لم تكن الحاجة الكردية زكية رسول، تدرك انها ستخسر عينيها الاثنتين وتحصل على وجه مشوه ومحجرين خاويين، لمجرد انها وثقت بنظام صحي يكلف حكومة كردستان العراق اكثر من ربع مليار دولار سنويا ووافقت على تلقي جرعة من “حقنة اربيل القاتلة” في اشهر واكبر مستشفى حكومي في كردستان. غاب عن الحاجة زكية رسول ومعها 29 مواطنا كرديا اقتلعت عيون ثمانية منهم على ايدي اطباء المان، كما يقول الناشط المدني سربست محمود، انهم راهنوا بحياتهم ونور عيونهم على قطاع صحي متهالك يعتمد في توفير متطلبات مواطنيه العلاجية، على مهربين جشعين يوردون مئات الاطنان من الادوية الفاسدة والمقلدة الى اجساد مواطني اقليم كردستان في كل عام. بدأت حكاية الحاجة زكية رسول ومواطنيها الـ29، حين تلقوا في احدى صالات مسشتفى رزكاري الحكومي يومي 3 و4 نيسان ابريل، جرعة في العين من عقار افاستين (avastin) الذي اشترته وزارة الصحة الكردستانية من مهرب تركي يورد الادوية لشركة هوز المتعاقدة مع الحكومة، بعد اشهر من تأكيدات حكومة الاقليم بتحقيق نقلة نوعية في واقع الاقليم الصحي. يقول سرو عمر، وهو ابن احدى ضحايا الحقنة القاتلة، انه عاد مع والده الى المستشفى بعد ساعات من تلقيه الحقنة بعد ان بدأ والده بالصراخ من الم عينيه، لكنه فوجئ بالعشرات من الضحايا الذين تلقوا الحقنة مع والده وهم يصرخون من الالم وعيون بعضهم تنزف دما. يتذكر عمر أن الارتباك كان يسود المكان والاطباء يتنقلون بين المصابين في محاولة لايقاف الالام والنزيف بعلاجات مسكنة، دون ان يجرأوا على الاجابة عن اي سؤال حول ما حدث لعيون الضحايا. منذ ذلك اليوم، كما يقول عمر، بدأت رحلة الالام التي عاشها الضحايا بدءا من مستشفى رزكاري في مدينة اربيل مرورا بمستشفى ويست آيالتركي، وليس انتهاء بمستشفى هايدل بيرك الالماني، وهي ذات المستشفى التي خير فيها الاطباء الالمان تسعة من الضحايا بين اقتلاع اعينهم، او انتظار تداعيات خطيرة فيما لو سرت العدوى البكتيرية من عيونهم الى باقي اجزاء اجسادهم. واحد من هؤلاء، كان عامل البناء عمر حسن الذي اقتلع الأطباء عينه اليمنى فيما توشك اليسرى ان تفقد اخر بصيص للضوء خلال الاشهر القليلة المقبلة. حسن لا يعرف حتى الان كيف انتهى الامر به هكذا، فهو لم يفعل شيئا سوى انه وثق باطباء مستشفى رزكاري حاله حال الملايين من ابناء كردستان العراق. حين التقاه كاتب التحقيق، كانت دموعه تنهمر بلا توقف من عينه الوحيدة، وهو يتمنى لو ان اطباء اربيل اخذوا حياته ولم ياخذوا عينيه “اصبحت الان اقل من نصف انسان، بوجه مشوه وبعين واحدة ضعيفة ستفقد الرؤية مع مرور الأيام، حين تستيقظ فجأة ولا ترى شيئا تشعر ان انه لم يعد لك وجود في هذا العالم”. لم تكن قضية “حقنة اربيل القاتلة” هي الاولى من نوعها في كردستان العراق، فقبلها اثارت حوادث وفاة او تشوه مرضى بسبب تلقيهم ادوية فاسدة مهربة، ردود افعال غاضبة اجبرت الحكومة على تكرار وعودها باخضاع الادوية لفحوصات مختبرية من قبل شركة (FDAS) البريطانية المتخصصة، قبل السماح باستعمالها في الصيدليات والمستشفيات. كشفت فضيحة حقنة اربيل القاتلة، بشكل مؤكد، كما يقول الناشط المدني جمال خيلاني، ان النظام الصحي في كردستان ليس اكثر من “قلعة من الورق المقوى يمكن ان تنهار في اية لحظة”، مبينا أن أكثر من ستة اشهرمرت على الحادثة “لم تعلن الى اليوم اي جهة رسمية سبب تلك الكارثة، بل ان وزارة الصحة اعلنت سلامة ذلك العقار المهرب واكتفت بتأكيد استمرار التحقيقات مع المتورطين في عملية التهريب والشراء غير القانوني لتلك الحقن، والذين خرجوا جميعا من السجن بكفالات”. يجادل خيلاني هنا بأن حكومة كردستان تتسلم ميزانية تقدر بـ13 مليار سنويا، وهي اعلى من ميزانية عدد من دول الجوار، وهي ايضا تتمتع باستقرار سياسي وامني اكثر من اي جزء في العراق، ولديها علاقات خارجية شبه مستقلة مع كل الدول الاجنبية، لكنها تعجز في النهاية عن توفير ادوية صالحة للاستعمال البشري تحفظ بها حياة مواطنيها. الأدهى من هذا كله، كما يقول خيلاني، ان الحكومة تعترف علنا بأنها اعتمدت في توفير شحنة حقن الافاستين المثيرة للجدل وشديدة الخطورة، على مهرب ادوية، تركي الجنسية. يشير خيلاني هنا، الى اعتراف وزير الصحة في اقليم كردستان ريكوت حمة رشيد خلال مؤتمر صحفي عقده بعد خمسة ايام من الحادثة، بأن هناك سلسلة من الخروقات والمخالفات حدثت في عملية شراء العقار الطبي الذي يحمل الاسم التجاري التركي (بيفاسيزوماب Bevacizumab)، والذي تسبب في الحادثة. الوزير حمة رشيد أقر بان شحنة الافاستين تم تهريبها من تركيا عبر معبر ابراهيم الخليل، وان من قام بعملية التهريب هو تاجر تركي يعمل لحساب شركة مرخصة في الاقليم هي شركة هوز. ويضيف الوزير الى اعترافاته بان دائرة صحة اربيل قامت بشراء الحقن من الشركة دون القيام بعملية الفحص، وان وجبة الدواء احتوت على 73 حقنة من هذا العقار، وبسعر 80 مليون دينار (66.5 الف دولار). تصريح الوزير، اماط اللثام عن طبيعة المخالفات التي ترتكبتها وزارة الصحة للتعليمات التي تصدرتها هي بنفسها، فهي تشدد على ضرورة اخضاع جميع الأدوية التي تدخل إقليم كردستان للسيطرة النوعية وفحصها من قبل الشركة البريطانية ضمانا للقضاء على ظاهرة انتشار الأدوية المغشوشة في كردستان. ولم يوضح الوزير أسباب حصول تلك التجاوزات واستسهال خرق القوانين في توريد ادوية خطيرة، لكن مسؤولا (أ.ز) في شركة متخصصة بشراء الادوية، قدم الاجابات لكاتب التحقيق، مبينا ان ذلك يعود لسببين “الأول تأخر صدور نتائج فحص الأدوية التي تتطلب أحيانا عدة اشهر، والثاني لارتفاع كلف عمليات الفحص، وهو امر تشكو منه معظم الشركات الموردة للأدوية”، منبها الى ان ذلك يشجع عمليات التهريب. وينبه الصيدلاني عمر فتاح، الى الأرقام التي طرحتها وزارة الصحة عن قيمة الشحنة، فهي تشير صراحة الى تورط الوزارة نفسها بالسماح لانواع رديئة من المنتجات الطبية بالتداول داخل مستشفياتها، فالسعر المعروف عالميا لحقنة الافاستين لعبوة الـ400 ملغم، بحسب فتاح، يصل الى 2500 دولار للحقنة الواحدة التي تباع النسخة التركية منها في الاقليم بسعر 1100 دولار، فيما تباع عبوة الـ100 ملغم في اسواق الاقليم بسعر 380 دولار. هذا يعني كما يقول فتاح، ان […]

“حقنة اربيل القاتلة” تفتك بعيون 30 شخصا والحكومة تحمي نفسها والمتورطين بالمعلومات المضللة تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...