لم أفكر يوما في زيارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية قط
مع علمي أنها تمثل حضارة عريقة بالغة الأهمية
على المستوى التاريخي والاجتماعي والديني والعلمي والسياحي
ويمكن تسميته ( بالتخوف ) بسبب الحاجز النفسي
الذي خلفته الحرب العراقية ــ الإيرانية
بعد صعود التيار الديني المحافظ قبل عام 1980م .
ففي زمن الشاه السابق محمد رضا بهلوي
كانت إيران تصنف على أنها دولة شبيهة بالدول الأوربية
من حيث التمدن والرقي والانفتاح
وكثيرا ما كان يهم عندي متابعة شؤونها العامة
ومع بداية الحرب كان وجه إيران قد تغير بالنسبة لي
وكان التأثر بالدعاية المضادة قد خلق فجوة عميقة بين بلدين جارين
ولعل المنطق المذهبي فصل وجمع بينهما إلى دون رجعة
فكان غريبا أن اسمع بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م
أن الكثير من العراقيين كانوا يذهبون إلى مشهد لزيارة الإمام الرضا
وإلى قم لزيارة السيدة المعصومة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم سلام الله عليهم جميعا
وأن الإيرانيين يأتون إلى العراق لزيارة الأضرحة المقدسة
في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء
وكأن ما يجمع العراقيين والإيرانيين على حد سواء
زيارة العتبات المقدسة فقط لا غير .
ومع بداية الاحتلال فوجئت بزيارة غير متوقعة
من رجل طرق بابي ويسأل عني فإذا هو بصديق مقرب للعائلة
تم تسفيره إلى إيران بداية عام 1980م بحجة أنه من التبعية الإيرانية
مع أنه ولد في العراق ومن حقه الحصول على الجنسية العراقية .
وأخذنا الحديث عن مرارة الفراق وماذا حصل لنا وله
ودعاني لزيارة إيران وتحديدا لمدينة أصفهان في النهاية
وفي حينها قلت له أن شاء الله تعالى
ومرت السنين ومضى أحد عشر عاما ليأتي لزيارتنا ولا نذهب لزيارته
خوفا من لاشيء سوى هذا التخوف من الماضي الحزين
وتشاء الصدفة الغريبة وفي لحظة مغامرة مع النفس
أن أجد نفسي أحمل جواز السفر وفيه تأشيرة الدخول وغادرت العراق
ووصلت إلى مدينة مهران ومن بعدها إلى مدينة قوم
ومكثت فيها يومين ومنها انطلقت نحو مدينة أصفهان .......
فإذا أنا في مدينة غاية في الجمال والنظافة
ورغم أنني لا أفهم شيء من اللغة الإيرانية الفارسية
إلا أنني فوجئت بطريقة المعاملة الطيبة من أناسها فلا شعرت بالغربة قط
وكانت لغة الإشارة والكتابة على الورق وسيلة للتفاهم !!!
فكانت مغامرة رائعة بالفعل حين وجدت صديقي احمد في انتظاري
وبعد ساعات من الراحة كانت لنا جولة في مدينة أصفهان
فبهرتني أضوائها وجمال ليلها الهادئ
لتبدأ رحلتي الحقيقية لها في اليوم التالي منذ الصباح الباكر
مستعين بسائق لطيف بقي معي حتى منتصف النهار
وليعود إلي بعد ساعتين لتبدأ الجولة الثانية
وكانت هذه المرة معي خارطة سياحية لمدينة أصفهان
فيها أسماء الشوارع والأماكن السياحية الشهيرة
وكنت أدون ملاحظاتي على الورق وفي الكاميرا الرقمية
وكنت أشعر بمتعة الاكتشاف في كل شبر فيها .
كان من المقرر حسب ما موجود في الخريطة
ما يقارب ثلاثين موقعا آثاري وديني وسياحي ولكني وجدت ضعف ذلك مرتين وأكثر
من خلال استخدام حاسوبي الشخصي والذي كنت قد دونت فيه الكثير
من خلال الاطلاع على مواضيع عامة تخصها
وساعدني برنامج كوكل آيرث كثيرا في اكتشاف الكثير من المواقع المهمة
ووجدت في النهاية أن القليل ما كتب حول مدينة أصفهان بالعربية
وقررت أن أنقل لكم مشاهداتي وملاحظاتي
في هذا التحقيق الشامل ليكون دليلا غاية في الأهمية
لكل من يرغب بزيارة هذه المدينة الرائعة
والتي لا يمكن نسيانها قط .
واتمنى من الله تعالى التوفيق في ذلك
في الطريق إلى أصفهان
خالص احترامي وتقديري
المفضلات