الإمارات تتحالف مع الكيان الصهيوني؟
“التطبيع السري” بين الإمارات و”إسرائيل” بات توصيفًا مستهلكًا، والصمت الحكومي لم يعد أمرًا مستنكرًا، ورصد الأدلة والوثائق التي تثبت العلاقات الإماراتية مع الكيان الصهيوني لاتحرك ساكنًا لدى السلطات، بل ما زاد الأمر سوءًا هو التصريح علنًا من أشخاص قريبة من دوائر صنع القرار،وتعد ناطقة باسم الحكومة الإماراتية وممثلة لها، بالتحالف (الإماراتي – الإسرائيلي).
خلفان يدعو للتحالف مع اليهود
فقد قال الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي السابق: يجب ألا نتعامل مع اليهود على أنهم أعداء، يجب أن نتعامل مع اليهود على أننا أبناء عم نختلف معهم على وراثة أرض، وأن الفيصل في الحكم من يقدم دليلًا، مضيفًا: أمريكا تحاول تتقرب من إسرائيل.. ودول العالم كلها، التقارب يحل المشاكل.
وتساءل في سلسلة تغريدات له أمس، واصل توضحيها اليوم، بعد أن أثارت موجة غضب حادة دشن النشطاء على إثرها هاشتاق خلفان يخون الأمة: ليش ما يكون لنا مع اليهود تحالف ضد أعداء الشرق الأوسط؟.
واقترح “خلفان” الذي تصفه التقارير أنه ممن يدفع بهم للتصريح المبرمج لخدمة أهداف أبعد، لا تقف عند مجرد التصريحات: عدم قيام دولة فلسطينية، وإنما الاكتفاء بدولة إسرائيلية تضم الفلسطينيين واليهود، وتضم للجامعة، بعد 70 عامًا سيكون العرب 75 % من سكانها.
وأضاف: بهذا نعيش مع اليهود في سلام دائم، لأن قيادة دولة فلسطينية بإدارة عرب بتكون زيادة دولة فاشلة في العالم العربي على الدول الفاشلة عربيًا، وما أكثرها.
وتابع “خلفان”: “حتى يعيش العرب في الدولة الشراكة يهوديًا وعربيًا بإدارة يهودية ناجحة، ثم يكونوا بعد 70 سنة أغلبية وتعلموا من اليهود، كجنوب إفريقيا الآن ويحكموا”.
استطرد: فكرة الاندماج مع اليهود في دولة فكرة ولا أروع منها، إذا التحم العرب مع اليهود في لحظة من لحظات التاريخ المعاصر، سيكونون قوة الله على أرضه.. قوة مال وقوة عقول وقوة بشرية.. وستزدهر البشرية وتسعد.
وادعى “خلفان” أن اليهود اليوم عصب الاقتصاد في العالم، قائلًا: لولا اليهود مصاريكم ما عرفتوا توقعوا في بنك…. خراطة انتم.
78 % يرفضون التعايش مع اليهود
وبعد حالة الجدل التي أثارتها تغريدات “خلفان”، أجرى استطلاع عبر صفحته يقول فيه: اليهود وجدوا عبر التاريخ في الأرض العربية، هل يجوز أن يعيشوا معنا في دولنا كمواطنين، ونعيش معهم في دولتهم كمواطنين، إلا أن نتيجة التصويت خذلت خلفان، حيث أجاب 78 % من المتابعين بأن اليهود لا مكان لهم عندنا، ولا يجوز أن يعيشوا معنا كمواطنين.
وعقب “خلفان”: “أيها العرب لن توقفوا إسرائيل عند حدها، ولن تعترف بكم إلا إذا أصررتم على أن تكونوا جزءًا من إسرائيل”.
واختتم تغريداته المثيرة للجدل أمس، داعيًا لليهود بأن يصبحوا على خير، قائلًا: تصبحون على خير يا عرب ويا يهود ويا مسيحيين ويا عالم…. الإنسان مكرم بحكم القرآن.. استخدموا العبارات الجميلة وشكرًا.
وجاءت تغريدات “خلفان” الذي تصفه التقارير بأنه “ممن يدفع بهم للتصريح المبرمج خدمة لأهداف أبعد لا تقف عند مجرد التصريحات”، في ظل تقارب إسرائيلي – إماراتي متواصل، واعتبر المراقبون تلك التصريحات التي دعا فيها للتحالف مع اليهود، بأنها تمثل رؤية بلاده، حيث نقلت الكاتبة إحسان الفقيه خبرًا عاجلًا قالت إنه من إذاعة ضاحي خلفان العبرية، يعلن “وصول 17 من أولاد عمنا اليهود إلى إسرائيل قادمين من اليمن”، مضيفة: “من يقول لي هو لا يُمثّل دولته فهو أخرق”.
وقالت: “يا خلفان أطماع إسرائيل لن تتوقف عند السيطرة على فلسطين، فحلمها السيطرة على العالم عبر مراحل.. احتلال فلسطين ثم من النيل إلى الفرات.. ثم العالم”، متابعة: “الأخرق ضاحي خلفان يقول: فكرة اندماج اليهود مع الفلسطينيين في دولة لا أروع منها.. نعم لكن الأروع منها اندماج إسرائيل والإمارات في كيان واحد.
وبتصريحات “خلفان” لم تعد مساعي الكيان الصهيوني لإدماج نفسه في المنطقة، واختراق المجتمعات والشعوب العربية، وإقامة علاقات مع دول الخليج بالأمر الصعب، خاصة في ظل تجاهل بعض الدول لمبادرات السلام العربية، التي تنص على عدم تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، دون اعتراف إسرائيل “بالحقوق الشرعية” للشعب الفلسطيني، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
فسبق أن أنتج فريق شبابي عربي مقطعًا مصورًا بعنوان “الملف الأسود”، قال إنه “يكشف حقائق عن العلاقات السرية بين إسرائيل والإمارات”.
وبحسب “تلسكوب”، فإن دولة الإمارات أصبحت واحدة من أهم مناطق العمليات الأمنية والاستخبارية والتجارية لإسرائيل في المنطقة العربية.
حقائق التعاون الاستخباراتي
ويكشف الفيديو عن حقائق من منظومة التعاون الأمني والاستخباري والتجاري، الإماراتي – الإسرائيلي، وذكر الفيديو عددًا من الإسرائيليين الذين يتعاملون مع الإمارات، ومنهم:
1ـ ديفيد ميدان: وهو مستشار نتنياهو السابق، وعمل لمدة 35 عامًا مع الموساد الإسرائيلي، ويعمل الآن مع الإمارات عن طريق شركة “ديفيد ميدان بروجكتس”، ويجري تعاونًا أمنيًا بين الجانبين منذ سنوات.
2ـ رجل الأعمال آفي لؤمي: وهو مدير سابق لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي “ADS”، تمكن عام 2012 من تأمين عقد لبيع طائرات بدون طيار للإمارات. وتستخدم الإمارات الطائرات للقيام بعمليات خارج مناطقها، مثل ليبيا والتجسس على مواطنيها.
3ـ رجل الأعمال والمسؤول الأمني السابق مآتي كوخابي: وهو أول رجل أعمال إسرائيلي ينجح في تثبيت أقدامه في السوق الأمني الإماراتي، وفاز بسلسلة عقود مع حكومة أبو ظبي، بدءًا من العام 2005.
كما بدأت الإمارات فصلًا جديدًا من التطبيع، حيث أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية في نوفمبر الماضي، أن إسرائيل ستفتتح مكتبًا لها في وقت قريب في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في عاصمة دولة الإمارات، أبو ظبي، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الوزارة الإسرائيلية ايمانويل ناشون، إن المكتب سيسجل ضمن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا).
واعتبرت إسرائيل أن موافقة إمارة أبو ظبي على فتح ممثلية لها على أراضيها، مؤشر على أنها “لا تعيش عزلة إقليمية”.
مواقف تطبيع إماراتي سابقة
وسبق أن اتخذت الإمارات مواقف سابقة نحو التطبيع أثارت جدلًا واسعًا، فقد أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية في 11 نوفمبر الحالي، أن الإمارات أرسلت برقية تعزية لوفاة الرئيس الإسرائيلي الخامس إسحاق نافون. وذكر التليفزيون الإسرائيلي أن الإمارات وجّهت برقية تعزية لـ”تل أبيب”، بسبب وفاة الرئيس الإسرائيلي نافون عن عمر يناهز (94 عاماً).
كما أعلن اتحاد رياضة “الجودو” مؤخرًا، أن منتخب إسرائيل سيشارك في بطولة “سلام” العالمية للجودو في أبو ظبي العام المقبل، تمامًا كما شارك المنتخب في البطولة نفسها التي نظمت هذا العام. وهو الأمر نفسه الذي أثار رفض الشعب الإماراتي بأغلبية ساحقة كل أشكال التطبيع مع إسرائيل في المجالات كافة، مسقطًا بذلك جميع المبررات التي يمكن أن تسوغ أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع تل أبيب.
وعلى خلفيته، كشف استطلاع للرأي أجراه الناشط الحقوقي الحائز على جائزة “مارتن إينالز” الحقوقية الدولية أحمد منصور، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن 92 % من الرأي العام الإماراتي، والذين شاركوا في التصويت على سؤال: “هل تؤيد مشاركة وفود إسرائيلية في فعاليات رياضية أو غير رياضية في الإمارات؟” – يرفضون مشاركة الإسرائيليين في أية فعاليات تقام في الدولة.
كما صوتت الإمارات لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، للانضمام إلى لجنة الفضاء للاستخدام السلمي التابعة للأمم المتحدة، وهو ما أثار ردود فعل شعبية ساخطة ورافضة لهذا التطبيع الدبلوماسي مع تل أبيب.
والتطبيع بين أبوظبي وتل أبيب يسير في اتجاهين: الاتجاه الأول هو قدوم وفود إسرائيلية إلى الدولة في مناسبات مختلفة، وخاصة في مهرجان دبي ومهرجان أبوظبي السينمائيين، قبل تجميد الأخير مؤخرًا.
أما الاتجاه الثاني، فهو مشاركة وفود إماراتية في أنشطة مع الجانب الفلسطيني تحت رعاية سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث مؤخرًا بسفر المنتخب الإماراتي إلى القدس المحتلة لمواجهة نظيره الفلسطيني في مباراة كرة قدم، بتأشيرة وتصاريح من الاحتلال، وزيارة المنتخب بعد المباراة المسجد الأقصى والآثار الإسلامية والعربية في المدينة، ما اعتبره قطاع واسع من الفلسطينيين بأنه تطبيع مع إسرائيل.
وكان مركز الخليج لدراسات التنمية قد نشر تقريره السنوي تحت عنوان “الثابت والمتحول.. الخليج والآخر 2015″، مركزًا فيه على تطبيع العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب، مؤكدًا أن الإمارات تتصدر قائمة الدول العربية في التطبيع مع إسرائيل.
تاريخ العلاقات (الإماراتية – الإسرائيلية)
وعن تاريخ العلاقات (الإسرائيلية – الإماراتية)، قال السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ومنسق حملة لا لبيع الغاز المصري لإسرائيل، إن العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني لم تبدأ منذ وقت طويل، كما لم تبدأ أيضًا منذ وقت قصير، لافتًا إلى أن أول الأخبار المعلنة عنها كانت عام 2009، عندما تم منح لاعب تنس إسرائيلي تأشيرة دخول للمشاركة في بطولة للتنس بدبي.
وأضاف “يسري” خلال مشاركته ببرنامج “رؤيتي” على قناة الشرق التليفزيونية بداية الأسبوع الحالي، أن العلم الإسرائيلي رفع لأول مرة بأبو ظبي خلال اجتماع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، في حضور مسؤولين إسرائيليين.
ولفت إلى أن أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي للإمارات كانت في أوائل 2010، حيث قام وزير البنية التحتية الإسرائيلي عوزي لنداول بزيارة الإمارات رسميًا. كما استضافت الإمارات فريق سياحة إسرائيلي، وفي يناير 2014 زار الإمارات وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم.
وواصل “يسري” حديثه عن أبرز مظاهر التطبيع الإماراتية مع الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أنباء افتتاح خط جوي سري بين الإمارات وإسرائيل بديسمبر 2014، مضيفًا أنه خلال نفس الفترة تعاقدت الإمارات كذلك مع شركة “آي جي تي” الإسرائيلية الخاصة، لتركيب أنظمة مراقبة بأبو ظبي، قد تكون متعلقة بالخط الجوي السري.
ولفت إلى ما كشفت عنه وثائق “ويكليكيس”، بشأن وجود علاقة شخصية قوية بين وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، ووزيرة الخارجية الإسرائيلية في ذلك الوقت تسيبي ليفني.
وأشار السفير “يسري” إلى مخاطبة شمعون بيريز، عبر الأقمار الصناعية ممثلين عن عدة دول عربية وإسلامية في اجتماع بالإمارات بنوفمبر 2013، بالإضافة لحضوره ندوة سرية، وفقًا لما نقلته تقارير صحفية.
واختتم “يسري” تصريحاته حول التطبيع الإماراتي – الصهيوني، باعتبار استخدام الإمارات لتوني بلير، وترتيب زياراته للقاهرة أكثر من مرة، من أبرز الأدلة على ذلك، واصفًا بلير بـ”الصهيوني”.s.s
المصدر/ انباء فارس