شبكة عراق الخير :
حدد موقع “منتدى السياسة” الاسترالي، يوم السبت، التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجه العراق مع خروجه من عقود
من الحرب، في مجال الازمة المائية المتعددة الجوانب، مشيرا الى ان قادة الشرق الاوسط عليهم العمل معا من اجل تجنب
الصراعات مع تأثر منطقتهم بنقص متزايد للمياه.
واستهل الموقع الاسترالي ، بالإشارة الى شط العرب، الذي هو بمثابة شريان حياة بالنسبة الى مدينة البصرة، حيث ادت عقود
من سوء الادارة الى تلويث النهر وتأكل البنية التحتية، ووصل الامر الى ذروته في العام 2018، عندما جرى ادخال اكثر من 118 الف
شخص الى المستشفى بسبب شربهم مياه ملوثة.
ولفت الى ان ذلك تزامن مع زيادة درجات الحرارة في الصيف، والتي تتخطى احيانا كثيرة 50 درجة مئوية، وفشل البنية التحتية
لشبكة الكهرباء، وهو ما ادى الى اندلاع احتجاجات شعبية، وقتل خلالها 12 شخصا على الاقل.
واعتبر التقرير ان هذه الاحتجاجات مؤشر على توجهات طويلة المدى في العراق، حيث من المرجح تضاعف نسبة الشباب
المتسارعي الزيادة، بين السكان البالغ عددهم 40 مليون نسمة، وذلك بحلول العام 2050، مضيفا انه اذا تم الاخذ بعين الاعتبار
تأثيرات تغير المناخ، فان ذلك من شأنه ان يسلط ضغوطا شديدة على موارد المياه.
وينقل التقرير عن منظمة”هيومن رايتس ووتش” الحقوقية اشارتها الى انه في حين يعتمد 70% من سكان محافظة البصرة على
الزراعة لكسب عيشهم، فان التسرب المتزايد لمياه البحر في نهر شط العرب، تسبب في فقدان حوالي 87% من الاراضي
الصالحة للزراعة في المحافظة.
وتابع القول انه مع وجود نحو نصف سكان البصرة تحت خط الفقر، وتفاقم نسب البطالة وعودة عدد كبير من الشباب والميليشيات
التي تسرح في مناطقهم، فان كل ذلك سيؤثر على الفئات الاكثر هشاشة.
لكن التقرير الاسترالي اكد ان هذه “القضية ليست محصورة بالبصرة فقط”، موضحا ان برنامج الامم المتحدة للبيئة توصل الى ان
العراق يفقد سنويا 25 الف هكتار –يعادل 100 ألف دونم- من الاراضي الصالحة للزراعة بسبب زيادات معدلات التصحر وارتفاع
درجات الحرارة وانخفاض تساقط الامطار.
ومع ذلك، يؤكد التقرير ان “تغير المناخ هو احد الاسباب، لكنه ليس السبب الوحيد لازمة المياه”، موضحا ان الفساد وسوء ادارة
المياه ساهمت في نقص الاستثمار في البنية التحتية للمياه، ولهذا، فانه في كثير من الاحيان تكون انابيب المرافق العامة غير
آمنة وتتلوث بمياه الصرف الصحي والملح والنفايات الصناعية.
سلاح السدود
بالاضافة الى ذلك، فان السبب الرئيسي الاخر لازمة المياه، هو اقامة السدود في المنبع، حيث ان نحو 98% من مياه العراق
مصدرها من تركيا وايران وسوريا، ما يعني ان اي تغييرات في جريان المياه المتدفقة في هذه الدول، سيتأثر العراق بها، مضيفا ان
المثير للقلق ما تشهده تركيا من طفرة في بناء السدود، حيث هناك مخططات لانشاء 22 سدا جديدا على منابع نهري دجلة
والفرات.
والى جانب ذلك، فان العراق نفسه لديه خمسة سدود رئيسية على نهر الفرات وثلاثة سدود اخرى على نهر دجلة، وهو ما يؤثر
بشكل اكبر على تدفق المياه والنشاط الزراعي، بالاضافة الى ان بناء السدود يعزز معدلات التبخر ويحد من دورات الفيضان
الشتوي التي تؤدي الى التخلص من الملح في أتربة جنوب العراق نحو الخليج العربي.
وبحسب الامم المتحدة، فان تدفق نهري دجلة والفرات سينخفض بحلول العام 2025، لأكثر من 25% و50%، ولهذا فان تراجع
تدفقات المياه تمثل سببا رئيسيا لزيادة الملوحة في شط العرب.
تسييس مياه العراق
وفي سياق مواز، لفت التقرير الى ان “التاريخ يشهد على استخدام المياه لاغراض سياسية في العراق”، موضحا ان بناء السدود
في تركيا أمن لها نفوذا للحفاظ على مصالحها في العراق، اما تنظيم داعش فقد دمر البنية التحتية للري وقام بتفخيخ الحقول
الزراعية، في حين انه خلال عهد صدام حسين، جرى تجفيف الاهوار الجنوبية لمعاقبة سكان الاهوار من الشيعة، مما ادى الى
تدمير اسلوب حياتهم التقليدي.
لكن التقرير ختم باشارات تفاؤلية، موضحا انه “في حين ان السياسات المائية يمكن ان تكون مصدرا للاضطرابات، الا انها ايضا
مصدر للحلول”.
وتابع ان العراق اظهر هذه الفكرة من خلال مشروع ترميم الاهوار الجنوبية، وهو ما يوضح كيف يمكن للمياه ان تكون قيمتها اكبر
من الاقتصاد والمساعدة على تأمين العدالة للاشخاص المهمشين.
العدالة المائية
وخلص التقرير الى الدعوة من اجل تعميق “العدالة المائية” في العراق، من خلال معالجة هذه القضية بمنظور منهجي ومائي
اجتماعي، والاخذ بالاعتبار بشكل شامل دورة المياه العراقية، وتأثيراتها على العدالة الاجتماعية واهميتها الثقافية على الصعيد
المحلي.
وتابع ان مثل هذه المقاربة يمكن ان تكون “منصة للمشاركة عبر الحدود مع ايران وتركيا وسوريا التي تواجه ايضا هذه التحديات
المائية نفسها الى جانب العديد من الدول الاخرى في مختلف انحاء العالم، وذلك من خلال بناء الثقة وعلاقات التعاون، لمواجهة
التحديات المشتركة، مضيفا انه من خلال ذلك، بالامكان تجنب الصراع المأساوي الذي يمكن ان تتسبب به المياه”.
أقرأ التالي
17 يوليو، 2024
الكتائب والقيادات التي قتلت الأمام الحسين ع في معركة الطف
17 يوليو، 2024
التقسيم القبلي لمدينة الكوفة وتأسيسها
16 يوليو، 2024
اعمال ليلة عاشوراء و يوم عاشوراء
زر الذهاب إلى الأعلى