التقسيم القبلي لمدينة الكوفة وتأسيسها
الكوفة هي إحدى المدن العراقية التي تقع في اتجاه الشرق إلى الشمال من مدينة النجف،
وتعتبر ثاني مدينة شيدها المسلمون، وقد اتخذها الإمام علي بن أبي طالب ع عاصمة لحكومته
بعد انتقاله من المدينة، وأخيراً استشهد الإمام علي ع في مسجدها.
كانت الكوفة تمثل المركز الرئيسي للتشيع والشيعة في أيام خلافة أمير المؤمنين ع.
ومن أبرز الأماكن التاريخية والأثرية في تلك المدينة مسجد الكوفة ومسجد السهلة، وروي أنّ الإمام الصادق ع قد ألقى رحله فيها مدة سنتين.
اقرا المزيد: استشهاد الامام الحسين (ع) ثورة لأجل الإصلاح والحرية
مجتمع الكوفة انذاك
أن الكوفة لم تكن كسائر المدن العربية كمكة والمدينة بل وحتى دمشق، قد محضت للعرب خاصة بل يقطنها خليط من أقوام شتّى.
ان أكثر المهاجرين إلى الكوفة سواء كانوا من العرب أم من الفرس كانوا من رجال السلك العسكري وكانوا على استعداد للدخول في سلك العسكر وخدمة الحاكم أيّاً كان القائد والخليفة.
وغالباً ما كانوا عزباء أو جاؤوا إلى الكوفة وتركوا أزواجهم في بلدانهم الأم, حيث كان العرب يمثلون العنصر المؤسس للكوفة فيما يحتل الفرس المرتبة الثانية في التركيب السكاني.
ولم تكن الكوفة في بداية تأسيسها ذات مدرسة فكرية أو عقائدية خاصّة تجذب من خلالها سائر المسلمين إليها.
قبائل الكوفة المعروفة
يتراوح عدد المسلمين في بداية تأسيس الكوفة ما بين خمسة عشر ألفاً الى عشرين ألفاً، قسمهم عمر بن سعد إلى سبع خطط:
- خطة منها لكنانة وأحلافها.
- خطة لقضاعة، وغسان وبجيلة وخثعم وحضرموت والأزد من القبائل اليمنية.
- خطة لمذحج وحمير وهمدان وأحلافهم من القبائل اليمنية.
- خطة لتميم .
- خطة لأسد غطفان ومحارب ونمر وضبيعة وتغلب.
- خطة لأياد وعك وعبد القيس وأهل الحجر وحمرا وحمراء
- خطة لقبيلة طيّ اليمنية.
- كان لقبيلة همدان المعروفة بشدّة ولائها لأهل البيت منزلة كبيرة في الوسط الكوفي ومكانة مرموقة بين القبائل العربية.
وبقي هذا التقسم القبلي للكوفة حتى زمن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع الذي أحدث بعض التغييرات عليه، وجاء من بعده زياد بن أبيه ليحدث آخر تعديلات على المجتمع الكوفي سنة 50 هجرية.
ويلاحظ الراصد لتاريخ الكوفة غلبة القبائل اليمنية عليها وأن أكثر اليمنيين من قبيلة همدان الموالية لأمير المؤمنين علي ع.
التي وصفها ماسنيون بقوله: همدان قبيلة كبيرة وقوية وذات نفوذ كبير وكان رجالها من أشدّ الموالين لـعلي بن أبي طالب.
ومن القبائل القوية الأخرى وذات النفوذ في الكوفة قبيل طي التي تعد هي الأخرى من القبائل الموالية لأمير المؤمنين عليه السلام والمساندة له في معركتي الجمل وصفين.
اقرا ايضا: شهداء آل أبي طالب يوم الطف
ومن القبائل اليمنية التي هاجرت إلى الكوفة قبيلة الأشعريين المعروفة بولائها لعلي عليه السلام، إلا أن سياسة الحجاج بن يوسف التعسفية اضطرتها إلى الهجرة من الكوفة إلى قم واتخاذها مركزاً لنشر التشيع هناك.
حدود الكوفة سابقا
كانت الكوفة واسعة كبيرة ، تتصل قراها وجباناتها إلى الفرات الأصلي وقرى العذار ، فهي تبلغ
ستة عشر ميلا وثلثي ميل . الجهة المطلة على الفرات من بلدة الكوفة قال ياقوت في المعجم :
ذكر أن فيها من الدور خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر ، وأربعة وعشرين ألف دار لسائر
العرب ، وستة آلاف دار لليمن ( 1 ) .
وعد الطبري في التاريخ : من اليمن الأزد وبجيلة وخثعم والأنصار وخزاعة وقضاعة وحضرموت ،
وعد من مضر تميما وهوازن وأبناء أعصر وأسدا وغطفان ومذحج وهمدان
( 2 ) .
قال البراقي : أحد حدودها خندق الكوفة المعروف بكري سعد ، والحد الآخر القاضي الذي هو بقرب
القائم إلى أن يصل قريبا من القرية المعروفة اليوم بالشنافية ، والحد الآخر الفرات الذي هو ممتد من
الديوانية إلى الحسكة إلى القرية المعروفة اليوم ب ( أبو قوارير ) وهي منزل الرماحية ، والحد الرابع
قرى العذار التي هي من نواحي الحلة السيفية .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 – معجم البلدان : 4 / 492 .
2 – تاريخ الطبري : 4 / 193 – 194 .
تأسيس مدينة الكوفة
كانت الكوفة عامرة مأهولة قبل البعثة النبوية، حتى ورد في الحديث عن الإمام الصادق ع أنّ قوم نوح نصبوا أصنامهم يغوث ويعوق ونسرا في الكوفة.
وبعد أن فرغ المسلمون من تشييد البصرة قام سعد بن أبي وقاص بتشييد الكوفة ما بين سنة 15 و17 و19 هجرية حسب الاختلاف في الروايات التاريخية.
وقيل لمّا فرغ سعد بن أبي وقاص من معركة القادسية ثم افتتح المدائن، حوّل الجيش إلى سوق حكمة، وبعضهم يقول: حولهم إلى كويفة دون الكوفة.
قالوا: فأصابهم البعوض، فكتب سعد إلى الخليفة عمر بن الخطاب يعلمه أن الناس قد بعضوا وتأذوا بذلك.
فكتب إليه الخليفة : إن العرب بمنزلة الإبل لا يصلحها إلا ما يصلح الإبل، فارتد لهم موضعا عدناً، ولا تجعل بيني وبينهم بحراً.
فأختار لهم سعد جانب الفرات بالقرب من الحيرة.
فلما انتهى سعد إلى موضع مسجدها أمر رجلاً فغلا بسهم قبل مهب القبلة فأعلم على موقعه، ثم غلا بسهم آخر قبل مهب الشمال وأعلم على موقعه، ثم غلا بسهم قبل مهب الجنوب وأعلم على موقعه،
ثم غلا بسهم قبل مهب الصبا فأعلم على موقعه، ثم وضع مسجدها ودار إمارتها في مقام الغالي وما حوله.