غازي النفاشي الشمري
• النخوة عند العرب
النخوة عند العرب كانت ولا زالت تبعث على الهمة في تأجيج نفس الانسان لنصرة أخوانه وابناء قبيلته وعشيرته وخصوصاً في المواقف الصعبة عند الشدائد.
وللنخوة معنيين الاول لغوي والثاني أصطلاحي
أما المعنى اللغوي فهو العظمة والتعاظم وكمثال على ذلك قولهم فلان نخا وأنتحى أي اظهر التعالي والتعاظم.
وأما المعنى الاصطلاحي فهو بمعنى المبادرة الى البذل والنصرة والتضحية بلا هوادة.
وفي القديم كانت العرب تنتخي في المواقف الصعبة أنتساباً الى الجد أو الى الجدّة أو الى الام أو الاخت فيقال مثلاً (أنا أخو فلانه) أو (أنا أبن أبوي) أو (أنا أخو فلان) ... وهكذا كما هو شائع عندنا اليوم.
ومن الانتخاء بالجد قول رسول الله (ص) مرتجزاً في وقعة أحد

أنا النبي لا كذب أنا أبن عبد المطلب

ومن انتخائه بالجدّة قوله في وقعة حنين
... أنا أبن العواتك ، والعواتك جداته ... ذكرهن أبن عبد البر في الاستيعاب.
وهن (عاتكة بنت الاوقص بن هلال السلمي (أم هاشم)
– عاتكة بنت هلال السلمي (أم عبد مناف)–
عاتكة بنت مرة بن أوقص بن هلال السلمي (أم وهب)
والد آمنة أم رسول الله (r) وهنّ جميعاً من بني سليم بن منصور القيسي العيلاني المضري العدناني.
أما الانتساب للأم فهو كثير عند العرب نورد منه قول الامام الحسن (u) .. أنا أبن فاطمة ،
ومن أنتسبوا الى الام الملك عمرو بن هند ،
وكذلك ملوك المناذرة أنتسبوا الى أمهم ماء السماء وهي ماوية بنت عوف ملكة العراق.
وممن أنتسبوا الى أمهم من قبائل العرب
... خندف وجديلة وباهلة وبجيلة وعبدة
وهناك من أشتهر بأسم أمه من العرب أيضاً وهم
بلال أبن حمامه وأسم أبيه رباح
وخفّاف بن نُدبه وأسم أبيه عمير
والحارث أبن البرصاء وأسم أبيه مالك
وعبد الله أبن أم مكتوم وأسم أبيه عمرو ... الخ .
وكان النبي (r) يخاطب الزبير بن العوام (رض)يا أبن صفية
ويخاطب عبد الله بن مسعود .. يا أبن أم عبد.

ومن الانتخاء بالام قول أبن ماوية الطائي
أنا أبنُ ماويّةَ إذ جّدَّ النّقُرْ وجاءت الخيلُ أَثابّي زُمُرْ

وهناك سؤال يطرحه دائماً الباحثون في علم النسب وهو هل يمكن أثبات نسب ما من خلال النخوة .
ونقول الجواب على ذلك هو أن النخوة تكون في الغالب بجد مشهور من أجداد العشيرة أو من أبناءها المعروفين ، وهذا حتماً يثبت به النسب فلو أنتخى الشمري مثلاً بـ (طئ) فالنخوة تثبت النسب بهذا المقدار وتحتاج الى ضم قرائن أخرى لتحديد أنساب شمّر كما في المثال الى أي من فروع طي تنتسب.
وقد يكون الرجل قد أنتخى بنخوة أخواله او مجاوريه فتسري هذه النخوة على أولاده.
فيكون عندها أعتمادنا النخوة كدليل على النسب ذاهب بنا الى غير أصله ،
وكمثال على ذلك نخوة أبناء قبيلة عفك فهي (باهل) وهي نخوة أخوالهم من باهلة .
وقد تكون النخوة بأسم امرأة وهذه تصلح أن تكون قرينة على أثبات النسب لكنها من السابقة لورود أحتمالات عديدة عليها.
فلو قال أخوة (فلانه) ربما هذه المرأة ليست من القبيلة التي تنتمي بها ، فأذا علم نسب المرأة لنسبّنا هذه القبيلة الى قبيلة المرأة كما في قبيلة آل سراي الذين ينتخون بـ (أخوة حمدة) وحمدة امرأة من عشيرة عقيل كانت تسكن مع أولادها عند قبيلة السراي فسرقت شياه لها فندبت آل سراي فتسارعوا اليها وكل منهم يقول أنا أخو حمدة فأصبحت نخوة لهم حتى يومنا هذا.
فأذا علم أن حمدة عقيلية وعلمنا أن النخوة مُثبت للنسب لاثبتنا أن آل السراي من عُقيل وهذا غير صحيح.
ومنها إذا أنتسب أو أنتمى رجل الى امرأة مثلاً فربما تكون هذه الامرأة متزوجة من عدة رجال فلا نعلم أنه الا أيهم ينتسب .
وهكذا التحالفات العشائرية التي تجعل عدة عشائر تنتخي بنخوة واحدة ، فقد تكون هذه النخوة مختصة بعشيرة واحدة منهم .
وعليه فأن النخوة لا يثبت النسب وأنما تصلح لأن تكون قرينة ومؤيد على صحة النسب.