تناولت الصحافة الامريكية خلال الفترة المنصرمة خصائص التدخل الامريكي في الصراع مع داعش بنسبة كبيرة وتاثيراته على البيت السياسي الامريكي والمجتمع كذلك بسبب التبعات السلبية الكبيرة التي لحقت بالوضع الامريكي الداخلي بعد سيطرة داعش على مدينة الرمادي والجدل الذي ما زال قائما حول الدور الامريكية في هذا الصراع من حيث نوعه وكمه والمقاربة الافضل التي يجب اتخاذها فيما يعرف بالحرب على الارهاب , هذا كان المعطى العام حتى قامت صحيفة "الوال ستريت جورنال" بنشر تقرير موسع تتحدث فيه عن الدور الامريكي ولكن من وجهة النظر العراقية , وهو ما اثار الصحافة الامريكية نحو هذا المحور بشكل كبير.

حيث كشف تقرير "الوال ستريت جورنال" الامريكية ان الاعتقاد بوجود دعم امريكي خفي لداعش يتنامى ليمسي منطلقا للغالبية من افراد الشعب العراقي في نظرتهم الى التواجد الامريكي دعما جويا او ارضيا , حيث تناول التقرير شهادات لنازحين عراقيين تحدثوا عن مشاهدات قالوا انها دعم امريكي لافراد تنظيم داعش الارهابي على الجبهات العراقية تباينت بين انزالات المؤن المظلية الى تقديم المعلومات الاستخبارية حيث عبر النازحون عن ثقتهم بان القرى التي تعرضت لهجوم داعش كانت دائما من القرى غير المحمية في الحين الذي تعرضوا فيه للهجوم وكان داعش يمتلك معلومات مسبقة عن تحركات الجيش العراقي والقوات الامنية فيضرب في الحين المناسب وهو ما اعزاه النازحون في شهاداتهم الى تورط استخباري امريكي.

واورد تقرير تناولته شبكة "Info War" الامريكية شهادات ايضا لبعض النازحين من المخيمات حيث نقلت عن النازح "عباس هاشم" ذو الخمسين عام من اهالي الرمادي "نحن نعلم جميعا ان الامريكيين يقدمون الاسلحة والطعام للقوات الامريكية ولهذا فان داعش قوية لهذه الدرجة وحرة الحركة".

وياتي هذا في وقت صرحت فيه النائب عن ائتلاف دولة القانون "عالية نصيف" عن هذا المحور بالقول "اننا لا نثق بالامريكيين بعد الان" واضافت "نحن نعتقد الان بان امريكا تستخدم داعش كاداة لاضعاف وتقسيم العراق" في اشارة الى تنامي المطالبات بتقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم على اسس مذهبية في داخل البيت السياسي الامريكي.

ويذكر ايضا ان تصريحا اخر صدر عن رئيس مجلس محافظة الانبار "صباح كرحوت" لوال "ستريت جورنال" واصفا الدعم الامريكي لجهود محاربة داعش بانها "خجولة" مؤكدا ان هذا ما جعل العراقيون يؤمنون بتورط امريكا بدعم داعش , واضاف كرحوت بالقول "ان اردت ان تساعد احدا , فساعده بقوة حتى يحقق نتائج , ليس بشكل تقطير وكانما انت متاكد من موتنا بكل الاحوال" في اشارة الى شحة ذلك الدعم كما اكد بالقول "ان الدور الامريكي لو لم يكن خجولا لهذه الدرجة لما فقدنا دعم العديد من العشائر السنية التي اثرت الانضمام الى داعش على الوقوف معنا ضدهم" متهما استراتيجية امريكا بانها طرفت المحايدين نحو داعش.

ومن الجدير بالذكر ان صحيفة الوال ستريت جورنال ردت ضمن تقريرها عن تنامي هذا الاعتقاد بالقول "لا شك بان نظريات المؤامرة المرتبطة بداعش هي غريبة" مما تسبب بموجة من ردود الافعال المتباينة من وسائل اعلام امريكية اخرى حيث ردت شبكة "Info War" الامريكية على موقف الوال ستريت جورنال بالقول "ان تصريحها هذا يتجاهل كل النقاط الجوهرية المهمة في نهضة داعش واستمرار تقدمها".

يشر الى ان ان وثيقة مسربة من البنتاغون نشرها موقع سياسي “Judicial Watch” كشف فيها عن تورط البنتاغون بدعم تنظيمات متطرفة منبثقة عن القاعدة في سوريا بهدف زعزعة الاستقرار فيها حيث ذكرت الوثيقة استمرار النهج الامريكي بدعم هذه الجماعات رغم توقع البنتاغون بانها في النهاية ستفضي الى ظهور داعش وسقوط مناطق عراقية , حيث يعود تاريخ هذه الوثيقة المسربة الى عام 2012 .

حيث اعتبرت الادارة الامريكية في الوثيقة ان النهج الذي اتخذته ضروري لمصالحها في الشرق الاوسط رغم تحذير البنتاغون فيها من اعتراف قادة فيما يعرف بالجيش الحر بالتعاون مع تنظيمات ارهابية منها جبهة النصرة بهدف اضعاف النظام السوري كما اعلن ذلك احد القادة "باسل ادريس" في تصريح للدايلي ستار , فيما يعد سببا اخر في تنامي قوة الجماعات المتطرفة في المنطقة والذي ادى في النهاية الى ظهور داعش الحالية ,توج ذلك خلال عام 2014 باعلان العديد من الفصائل التي تعرف باسم الجيش الحر السوري الولاء لداعش الارهابية في ترجمة حرفية لما حذرت منه الوثيقة وادانة مباشرة للولايات المتحدة بعلمها المسبق بظهور داعش ورغم ذلك الاستمرار في نفس النهج.

من الجدير بالذكر ان وسائل اعلام عدة ومنها الجزيرة قد نقلت عن عن مقاتلين داعشيين وقادة من امثال المدعو "ابو اثير" بالقول انهم يشترون الاسلحة او تقدم اليهم بشكل تبرع من فصائل تنتمي الى ما يعرف بالجيش الحر حيث وصف ابو اثير علاقة داعش بالجيش الحر بانها طيبة.

جديرا بالاشارة ان شبكة "Info War" قد ذكرت بان احد اهم اسباب الشك والقلق للدور الامريكي في العراق هو الانزالات الجوية المحملة بالمؤن المستمرة الى المناطق التي يسيطر عليها داعش من الجبهات والتي يدعي المسؤولون الامريكيون بشكل مستمر انها "رميت بالخطا" , وتابعت الشبكة بالقول ان الدعم الامريكي الواضح لتنظيم داعش بغية الحاق الضرر بالنظام السوري قد وصلت الى الحد الذي اثر على جهود قادة داعش لتجنيد المتطرفين فيما وصفه اولئك بان هذه افكار كافرة وخطايا لكل من يؤمن او يعتقد بوجودها في اشارة الى التعاون الامريكي الداعشي.

لا يجب ان نهمل ذكر المظاهرات التي اقامها جنود امريكيون سابقون عام 2013 ضد سياسة امريكا في تجهيز وتسليح الارهابين والمنظمات الاجرامية فيما اعتبره الجنود خيانة لتضحياتهم حيث انتشرت تلك المظاهرات لمدة زمنية طويلة دون اكتراث منصف من الاعلام او الساسة الامريكيين