حياة شرارة.. المترجمة والباحثة والكاتبة


حياة شرارة.. المترجمة والباحثة والكاتبة do.php?imgf=14576038

في الاول من ايلول من عام 1997 غادرت الحياة كاتبة عراقية قديرة، وأستاذة جامعية بارزة، تلك هي الدكتورة حياة شرارة، غير ان مما يؤسف عليه أنها فارقت الساحة الثقافية بطريقة غير تقليدية، وباسلوب مأساوي هو (الانتحار)!!
لقد كانت حياة في سلوكها الاجتماعي، وتوجهها الثقافي، وانتاجها العلمي، ورؤيتها الحياتية ضد النزعة الظلامية مؤمنة بالانسان، وحتمية انتصاره، كما كانت مفعمة الاحساس بالمستقبل الزاهر، ولكن الظروف وقساوة الطغيان، وثقل الحصار، كل ذلك أضعف روح المقاومة لديها، وهذا هو الذي كان...يمتاز انتاج حياة بالتنوع، فقد كتبت: الرواية، القصة، الدراسة، المقالة والترجمة، كما انها زاولت (التحقيق) ونظمت الشعر، ومع تعدد المناحي الثقافية، واختلاف منابعها سعة في الثراء، وعمق في الغنى.عاشت في بيئة يؤمها الشاعر والقاص على حد سواء، وكان والدها المرحوم (محمد شرارة) نفسه شاعرا كبيرا أسمعها الكثير من شعره، كما كان ذا مجلس أدبي عامر يحضره عمالقة الشعر كالجواهري، السياب والبياتي.
في هذه الاجواء الزاخرة بالادب، والشعر والثقافة ازدهرت شخصيتها ونمت، فأحبت الشعر وحفظت عيونه، وآمنت بالكتاب وسيلة ابداعية، وبالثقافة منهجا حياتيا. كان ذلك منذ نعومة الأظفار، وصغر الجدائل، وطراوة العقل، وطفولة المخيلة. وسمحت الحياة لحياة ان تسافر الى روسيا، بلد الرواية والقصة القصيرة، بلد دستوفسكي، بوشكن، انطوان تشيخوف، تولستوي وغوركي، والرعيل الاول من عمالقة الثقافة لدراسة الادب الروسي عامة وتولستوي خاصة! وتأتي روايتها "اذا الايام أغسقت" الصادرة بعد وفاتها بمراجعة وتقديم شقيقتها الاديبة (بلقيس شرارة) لتعبر عن معاناة الاستاذ الجامعي في ظل النظام السابق، والمواجهات الحادة التي اضطر الى خوضها.


أن اهتمام( حياة شرارة) بالادب والبحث لم يصرفها عن الالتفات الى دراسة حياة شاعرة كبيرة هي نازك الملائكة. فكان كتابها "صفحات من حياة نازك الملائكة" الصادر ببيروت سنة 1994 (دار رياض الريس)، دليلا على ذلك. دوّنت في هذا الكتاب السيرة الذاتية للشاعرة نازك الملائكة وقد أطلقتها سيرة نابضة بالحياة من خلال دراسة ميدانية سجلتها من خلال الاتصال بعشرات الأشخاص ابتداءً من الشاعرة وأخواتها إلى أقاربها وأصدقائها ومعارفها. سيرة يعيش معها القارئ ومع الشاعرة الناقدة حياتها بكل خلجاتها وبكل نبضاتها، يدخل القارئ في عمق بغداد وعاداتها وتقاليدها ويتعرف على الطراز المعماري، والأهم من ذلك يعيش مع نازك الملائكة وبداية تجربتها في الشعر التي امتلكت سيادته فخطت بذلك لنفسها طريقاً خاضت من خلاله تجربة كانت قاسية في زمن لم يكن للإبداع الأنثوي مكان فيه.