عدنان الحلفي … مؤامرة تسطيح الوعي لم تكن جديدة في العراق، تاريخياً هناك دول ومنظمات وحكومات محلية وشخصيات استذكت على اغلبية الشعب العراقي وصادرت وعيه بمشاريع خطيرة وجعلته شعب ينشغل بتفاهات الامور من اجل تمرير صفقات كبرى لم يكن اخرها الاعداد لمشروع التقسيم دستورياً واجتماعياً. قانون الاحوال الشخصية البديل الذي اطلق عليه (خبثاً) القانون الجعفري من اجل ربطه بالطائفة الشيعية التي ترفظه غالبيتها. صاحب المشروع وزير العدل الحالي حسن الشمري المنتمي الى حزب الفضيلة الذي يديره رجل الدين محمد اليعقوبي يثير علامات استفهام واسئلة لا تحصى عن المهمة المناطة بوزير العدل ومن ثم حكومة السيد المالكي التي جل اعضائها من حزب الدعوة الاسلامي. المقال ليس في مجال انتقاد وتحليل هذا القانون الخطير الذي مررته الحكومة وسيُطرح على البرلمان للمصادقة عليه وربما سيجري تمريره لانه باهمية منافع اعضاء البرلمان واقل من اهمية الاتفاق على الموازنة او غيرها من القوانين التي تصب بمصلحة الشعب العراقي. القانون سيء الصيت يعتبر اخطر من الفساد الحكومي ولربما اخطر حتى من التفجيرات التي تقتل المدنيين بشكل يومي لان هدف القانون الاستراتيجي هو تفتيت المجتمع العراقي وارجاع قوانين الاحوال الشخصية الى قوانين دينية اكليروسية مشابهة الى قوانين الشريعة السلفية او الكنسية في اوربا الغربية في العصور الوسطى. اي انها شطب لمرحلة التطور العلمااني للدولة العراقية والكشف عن الوجه الحقيقي لتيار الاحزاب الاسلامية التي تنوي الانقضاض على ماتبقى للدولة العراقية وهو قانون الاحوال الشخصية بكينونته الحالية فهو لا يقارن بقانون الشمري سيئ الصيت الذي يعد انقلاباً صريحاً على الدولة المدنية ومصادرة قوانينها التي وُضعت وطُورت تاريخياً منذ بداية تأسيس الدولة العراقية تحت الوصاية البريطانية عام 1921 والتعديلات التي صدرت على قانون الاحوال الشخصية ضمن تجربة القضاء وادارة المجتمع. هذا الشطب المتعمد لاندرك اسبابه الى الان استُخدمت فيها المرجعية الشيعية من اجل اسكات المواطنين لما تتمتع به المرجعية الدينية من مكتنة محترمة عند الشيعة. ولانعرف حقيقة الوضع فالاخبار المنقولة اعلامياً من العراق تزج بالمرجعية بانها شريك في المشروع المزمع تصديقه وتطويره وتشكيل محاكم شرعية خاصة له مستقبلاً، فاذا كان الامر كذلك فان المرجعية الدينية ستتحمل جانب كبير من المسؤولية امام الشعب العراقي والذي سوف يزيد هذا القانون من تمزيقه وتقسيمه وتعميق طائفيته. سينتج عن ذلك بلا شك تصادم بين أثنيات المجتمع العراقي التي ستزيد من شبح التقسيم والحرب الأهلية واراقة الدماء، وأعتقد ان المرجعية الشيعية يعود لها الفضل في حقن دماء مسلمي العراق تاريخياً منها تحريم قتال الأكراد او تعرضهم لاية اساءة باعتبارهم مسلمين اثناء صراع القوى الكردية مع حكومات العراق السابقة، وتحريم القتال في الكويت أثناء الاحتلال، واخرها وقوف المرجعية كسد منيع امام الاقتتال والفتنة الاهلية بين السنة والشيعة عام 2006. ذلك يدل على الوعي العميق للمرجعية الشيعية ودورها لحفظ الوحدة الوطنية العراقية. أما اذا كان قانون وزير العدل عبارة عن صفقة سياسية كما تحدثت بعض التكهنات بعيدة المدى بين حزب الفضيلة وحزب الدعوة الأسلاميين من اجل التخطيط والتحضير الى دولة اسلامية دينية في العراق على اساس المذهب الشيعي فهذا عبارة عن نفاق سياسي وضمر اجندة والعمل على تحقيقها مغايرة تماماً لأجندة الدولة المدنية المعلنة وتبني الديموقراطية والأدارة الفدرالية التي من المفترض ان تحترم التوجهات والمعتقدات والأثنيات والأديان المتعددة في الدولة العراقية بحكم الواقع. تعتبر الحكومة العراقية الحالية متورطة بهذا القانون سيء الصيت ولاعب أساسي في الأجهاز على قانون الأحوال الشخصية الحالي الذي يحتوي على معالجات علمية وقانونية تتناسب مع حقوق الأنسان والخصوصية العراقية الى حد ما ولا تتعارض مع الدين الأسلامي وتشريعاته. اما قول الوزير بان القانون الجديد لا يلغي قانون الأحوال المدنية فهذا ضحك على الشعب العراقي وعلى نُخًبه القانونية والأجتماعية والسياسية، فوجود قانون ومحاكم مباركة من مراجع الشيعة سوف يتوجه غالبية المجتمع الشيعي للتعامل معها واهمال قانون الأحوال الشخصية الرسمي، فالذي يفكر بزواج امرأة اخرى سيتجه الى المحكمة الشيعية التي ستبارك له الزواج في حين محكمة قانون الأحوال الشخصية ستشترط عليه موافقة الزوجة الأولى وحضورها وشرط الأكتفاء المادي بالأضافة الى تقديم اسباب مقنعة لهذا الزواج. نفس الشيء ينطبق على زواج القاصرات الذي تناضل منظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة من ايقاف زواج الأطفال للاسباب الواضحة يرجعنا قانون الوزير الشمري الى ماقبل المدنية التي نكافح لكي نلامس أذيالها. أن اعلان العراق كدولة فدرالية والزج بقضايا اقاليم المحافظات ومن ثم تحويل بعض الأقضية الى محافظات التي احتواها الدستور العراقي تشكل الغام في الدستور من اجل توفير ارضية لتقسيم واضعاف الدولة العراقية، ويأتي هذا القانون ليؤطر النوايا السيئة التي يحتويها دستور العراق ولا أعتقد هناك قدرة لمؤسسات الدولة العراقية المشلولة والمنشغلة بقضايا الفساد والأرهاب ان تجري تعديلات على الدستور البائس. قانون الشمري ارضية جيدة لرسم الحدود الأجتماعية قانونياً ودينياً ومذهبياً لعزل الشيعة عن بقية المكونات العراقية بل وذهب اكثر من ذلك بمنعه الزواج المختلط بين الأديان وليس بعيداً ستضاف له فقرة قانون يمنع بموجبه الزواج المختلط بين المذهب الشيعي وبقية المذاهب الأسلامية. انها رائحة مؤامرة كبرى على شطب دولة العراق المدنية المتعددة المتعايشة من سنين فهل سيواجهها الشعب العراقي كما واجه امتيازات البرلمانيين ام ان ارادة الشعب العراقي ستسحقها ( أمداسات) الشيوخ والسادة والروزخونية.

أكثر...