د. كمال البصري ، مضر سباهي المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي   ماذا نريد للعراق: تنمية مستدامة أم محاصصة مستدامة؟ العراق الان امام خيارين “تنمية مستدامة او محاصصة مستدامة” ان الخيار بينهما لا يتوقف على التيارات السياسية المساهمة في العملية السياسية بل الى حد كبير “المواطن” اذا ان ثقافة و وعي المواطن لها دور حاسم في توجية دفة توجهات العراق المستقبلية. المواطن مقبل على انتخابات فهل سيساهم بتكريس مرة اخرى المحاصة بكل معطياتها الظلامية ام سيتيح خيار التنمية المستدامة الواعدة؟ يوضح المقال بان التطور المحدود في الحالة الاقتصادية لا تتناسب مع الامكانيات المالية المتاحة، ويشير الى ان مشكلة الحكم في العراق تتجسد بغياب الادارة التكنوقراطية الفاعلة التي تعتمد على مبادئ الادارة والحكم الرشيد، وتذكر ان استمرار وجود حكومات قائمة على المحاصصة من شأنها تضيق فرص مشاركة الكفاءات اوالتكنوقراط. نستنتج ان الخيار الارجح هو اعتماد العراق في ادارة شؤونه الاقتصادية على حكومة تكنوقراط وبخلافه سوف تتسع الفجوة بين العراق والدول الاخرى. ان المطلوب هو ان يقوم المواطن بدور فاعل وذلك بالاشترط على اي جهة سياسية مقتنع بانتخابها ان تعمل على تشكيل حكومة تكنوقراط. اولا.الخيارات المتاحة ابتدأ ليس هدف المقال هو تناول مصاداقية التيارات السياسية المساهمة في العملية السياسية بل تناول منهجية ادارة الحكم التي تخضع الى اجتهادات متعددة التي منها التنميىة المستدامة و المشاركة السياسة (المحاصة). المحاصصة تعني تقاسم الشركاء السياسين المهام والوظائف الحكومية بكل مستوياتها الدنيا والعليا.على اساس الولاء والمشكلة انها عملية بحد ذاتها فيها تجاوز على القوانين والاعراف (لما تنطوي على تجاوز مبدأ الفرد المناسب في المكان المناسب ) وبعبارة اخرى انها تجاوز على مفردات الحكم الرشيد (المتمثلة بكفاءة الخطط، وعدم التجاوز على القوانين والاعراف الادارية، واتباع الشفافية في جميع الممارسات، وعدم الارتجال والفردية في اتخاذ القرارات، … الخ). بذلك فهي تختلف عن خيارالتنمية المستدامة والذي يعني تحقيق تطور اقتصادي متمثل بتنمية بشرية وبتنوع وتطور بمكونات الناتج المحلي الاجمالي بشكل مستدام (حتى بعد نضوب الثروة النفطي. ان هذه التنمية تتطلب ابتداءا تطبيق مبادئ الادارة الرشيدة كما عمدت بذلك دول شرق اسيا وضمنت بذلك ابعاد تأثير تنافس التيارات السياسية على اجراءات العمل المختلفة. ان الظروف السياسية التي مر بها العراق جعلت المواطنين مستقطبين باتجاهات طائفية واقليمة وعرقية، وكانت البيئة الانتخابية نتيجة ذلك ضيقة لا تتسع لغير ذلك، وكانت الحكومات الماضية والحالية ائتلافية بطبيعة تشكيلها، حيث وزعت المناصب على اساس الانتماء والولاء للاحزاب والطوائف والاعراق ولم يكن ضمن هذا التشكيل مكان للكفاءة واصبح اداء الحكومة في ظل هذه الغمة الخامس ما قبل الاخيرحسب التقارير الدولية (انظر الى المصدر ادناه). ساهم التخندق العرقي والطائفي في ضعف اللحمة الاجتماعية والتي وجدت اثارها حتى في عدم قدرة مجلس النواب على الاتفاق على سياسات التنمية واقرار العديد من القوانين والتي منها قانون البنى التحتية، و ان هذه الحالة البائسة نجد صورتها في لبنان وفي عدد من الدول الافريقية والتي منها ناجيريا. ان الديمقرطية التي يسير بأتجاها العراق لا تعني بالضرورة تنمية اقتصادية او تطور اقتصادي، ان تحقق التنمية الاقتصادية في اطار اقتصاد السوق يعتمد على محورين، الاول : توفير تشريعات ساندة لحقوق الملكية ولسيادة القانون لخلق بيئة اعمال-اقتصادية تنافسية (بالاشارة الى مسح بيئة الاعمال الخاص بالبنك الدولى الذي يصنف العراق من دول طاردة للاستثمار او الاعمال الاقتصاديى حيث يأتي تسلسل العراق 167) ، والثاني : رفع مؤشرات التنمية البشرية (التعليم والصحة …حاليا تسسل العراق 131 وفق تقرير الـ UNDP لعام 2013). ان تحقيق هذا يتطلب وجود حكومة ذات ارادة سيادية حازمة (ليس بالضرورة حكومة ديمقراطية ولكنها تطبق مبادء الحكم الرشيد). ان تحقق التنمية الاقتصادية في دول جنوب شرق اسيا ليس له علاقة بالديمقراطية (كما هو الحال في كوريا الجنوبية والصين وسنغافورا) لقد استطاعت هذه الدول بلوغ التنمية من خلال سياسات اقتصادية سليمة صاغتها حكومات مهنية ومتمرسة (تكنوقراطية). ان استقراء الادبيات الاقتصادية لا يؤشر على علاقة بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، ولكن يؤشر على ان الديمقرطية توفر بيئة خصبة لداعمة تطبيق مبادئ الادارة الرشيدة. من الجدير الاشارة الية هو رغم ان الديمقرطية واللامركزية ممارسات متقدمة في ناجيريا بالنسبة الى اندونوسيا الا ان التقدم الاقتصادي في اندونسيا اكبر واشمل من ناجيريا. تاتي اهمية الادارة الرشيدة من ان تطبيق مفرداتها يساعد المؤسسة على تجنب الوقوع في مشكلات مع منتسبيها ومع زبائنها: فهي تعطي للمؤسسة اليات التعامل والتكيف التلقائي الذاتي السريع في مواجهة التحديات. فعلى سبيل المثال: ان اتباع اسلوب الشفافية والمشاركة ينمِّي الشعور بالمسؤولية عند مختلف مراتب العاملين والرغبة والحرص في تحسين الانتاج (نوعا وكما) والرغبة ايضا في درء المخاطر المحتملة ان هذه الخصائص ترفع من اسهم المؤسسة وتشجع المستثمرين على اقبال شراء اسهمها بسعر اعلى وذلك لانها تحضى بثقة المؤسسات المالية وبثقة عملائها محليا وعالميا وبالتالي فان هذه الحالات ترفع من مستوى الانتاج ومستوى الربح المتوقع. لقد انعكست اثار المحاصصة على اكثر من مفصل منها: 1. ضعف الاهتمام بسيادة القانون كما هو الحال في مفاصل مختلفة منها على سبيل المثال تجاهل تطبيق قانون الادارة المالية (94) لعام 2004 الخاص بضرورة اتباع شفافية الموازنة الاتحادية (عالميا بلغ مستوى الشفافية في العراق 4%، وفي السعودية 1% وفي تشاد 3% في الاردن 56% وفي اوغندا 65% وفي افغانستان 59% وفي جنوب افريقيا 90% ) والتي ترتب عليها على سبيل المثال: عدم كفاءة استخدام المال (طغيان التخصيصات التشغيلية على حساب الاستثمارية، الارتفاع الفاحش لمستوى اجور الدرجات العليا، وجود تخصيصات مالية لا تمثل استحقاقات اقتصادية بقدر ما هي كرامات سياسية كما في هو في المكافئات المالية للخدمة الجهادية(. 2. الافتقار الى الكفاء والتخطيط الستراتيجي فوزارة الصحة على سبيل المثال ليس لها نظام صحي له خضائص الحكم والادارة الرشيدة وليس لها ستراتيجية لانفاق ولا عجب ان ينعكس الامر على الموازنة التي هي الاخرى تفتقد للبعد الستراتيجي. ينعكس ذلك على امور في غاية من الاهمية فعلى سبيل المثال لم يحظى التعليم (المحور الرئيسي للتقدم والرقي) بالتخصيصات الضرورية فلازالت التخصيصات واطئة لا تتجاوز 9% من الانفاق العام، وان حوالي 90% من هذه التخصيصات هي تشغيلية على الرغم من […]

أكثر...