مقالات

محمد جواد أموري: عميد الأغنية العراقية وعمودها الفقري

شبكة عراق الخير:

محمد جواد أموري :عميد الأغنية العراقية وعمودها الفقري/ بقلم علوان الشريف

الحلقة الخامسة من سلسلة طويريج الذهبية.

ولد هذا الأسطورة في محلة محرم عيشة سنة 1935 من أسرة فاضلة تمتهن النجارة يذكر هو أن تسلسله الثاني

عشر بين أخوته الذكور وإن الأحد عشر الذين سبقوه قد ماتوا جميعا.

عندما شرعت بالكتابة عن الراحل محمد جواد أموري . لم أحمل هما كبيرا حول ما سأكتب عنه فسيرته خزين

مليء بكل ما تشتهي النفوس من الموسيقى والغناء والمعلومات. كيف لا وهو الذي عاش قرابة 65 سنة بين

العود والطرب والتلحين والتأليف .

لكن ما أشد ما عانيت حول بأي نفحات هذا الكبير أبدأ ؟

كل الفقرات التي تبدأ بها سطوري جربت أن أضعها بداية القصة ولكن سرعان ما أجد أن هناك ما هو أكثر منها

مناسبا ليكون البداية. فهو الفنان الكبير الذي اكتشف نفسه، حين بدأ عشقه للموسيقى في سن مبكرة

ما دفعه لدراستها وصعود سلم الفن درجة درجة، وهو بذلك يقول في لقاء له “إن شغفي بالموسيقى يوازي

شغفي بالقراءات الحسينية التي تشتهر بها مدينتي طويريج، ولقد كنت معجباً بأصوات المقرئين، ولطالما

تساءلت ماذا لو تحول هؤلاء الى مطربين، ترى ماذا سيفعلون؟”. ويقول “كنت ابحث منذ الصغر عن الآلة

الموسيقية التي أجد فيها احاسيسي، وكان حينها الناي يصنع من الطين، لكنه لا يؤدي عزفاً صحيحاً.

وبما ان والدي كان نجارًا حصلت على لوحة ومسامير وأسلاك وصنعت بنفسي آلة القانون لأول مرة.

محمد جواد أموري الذي قال عنه قامات الطرب واللحن العربي ما لم يقال بحق غيره:

* الفنان محمد عبد المطلب: هذا الفنان (ويقصد محمد جواد اموري) يذكرنا صوته والحانه بأنبل المشاعر الانسانية.

الملحن بليغ حمدي: محمد جواد اموري. طاقة كبيرة في الفن والابداع ولكن اين الاصوات وشركات الانتاج التي تساعد على انطلاق هذه الطاقة وهذا الابداع.

عبد الكريم عبد القادر: هناك ملحنين في العراق واولهم محمد جواد اموري اتمنى ان اغني الحانهم.

عوض دوخي: الملحن محمد جواد اموري من اصدق الملحنين العراقيين ان لم نقل العرب لأنه يحمل في صوته الشجن العراقي الاصيل المحبب للنفس .

أموري الكبير هو من جاء بعمالقة الغناء العراقي فسعدي الحلي اكتشفه أبو نواس بأغنية عيوني مساهرات الليل ثم أغنية يمته الكاك وياس خضر اكتشفه ونماه بأغنية أبو زركة والريل وحمد في ستينيات القرن الماضي وهو من صنع من العدم حسين نعمة وقدمه بأغنية يا حريمة التي كانت صوت الحزن والعشق العراقي لسنين طويلة تلك القصيدة التي كتبها ناظم السماوي على جدران سجن نقرة السلمان وهو من خلق من الصوت النسائي العميق أنوار عبدالوهاب لتكون مطربة الحب والحزن في سبعينيات القرن الماضي وشطر من ثمانينياته يوم لحن لها ودربها على أداء أغاني عد واني عد وداده حسن ومن أمل خضير صوت البكاء والرومانسية البريئة حين لحن لها روائعه مثل أغنيتي خلينا نشوفك خلينا وانا يا طير ثم وآنه من شوف هواي وغيرها.

أموري لم يقف إبداعه عند حدود بلاد الرافدين بل تخطاه . فهذا مطرب الكويت العملاق عوض دوخي يغني له وتلك مغنية مصر الهام بديع في الستينات والسبعينات تغني ألحانه ومثلها محمد حمام وآخرين كثر.

أبو نواس وبالرغم من نشأته في بيئة ريفية، وسكنه في مدينة طويريج المعروفة بطابعها الديني، تعاظم شغفه بالموسيقى ما دفعه لدخول دار المعلمين في الاعظمية حيث كان الاول على دفعته خلال ثلاث سنوات امضاها في الدار، وتعلم من استاذ الموسيقى الراحل اكرم رؤوف أصول الموسيقى ونظرياتها على الطريقة التركية، حتى أصبح خلال ثلاثة أشهر “عازف عود ونوطة” واستطاع قيادة الفرقة في غياب أستاذه الذي صرّح ذات مرة بكلام عنه قائلا :لم أكن راغبا بتعليم طلابي أسراري الموسيقية لكن محمد جواد اموري تعلمها رغما عني”.

يقول عندما كنت طالبا في المعهد وعدت الى مدينتي (طويريج) عام 1952، صادف زواج جار لي وكان المطرب الريفي عبد الامير الطويرجاوي يحيي الحفلة، إلا أن غياب عازف العود عن الفرقة أعطاه فرصة العزف مكانه فنال عزفه إعجاب الطويرجاوي (أفردت له حلقة) وتنبأ له بمستقبل باهر.

يروي لي الأخ صباح وهيب أن الفنان محمد جواد عين معلما لمادة النشيد والموسيقى خلال حقبة الخمسينيات في مدرسة العرفان الابتدائية المعروفة. ومما يرويه وهيب

إن لأموري اغنيه جميلة كنا نرددها وهي.

يابو المشحوف تانيني.

نار الشوك تجويني.

ويضيف وعندما أصيب الزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم وخرج من المسشفى نظم نظم قصيدة جميلة وغناها على العد يقول فيها.

هذا النريده… بشرى سعيده.

زعيمنا الاوحد ..سلم من المكيده .

هو روح الطرب العراقي والأب الروحي لنخبة كبيرة جدا من أشهر مطربي السبعينات والثمانينات. هو مكتشف كبار المطربين. حياته زاخرة بالإنجازات الفنية التي لا ينكرها أحد. ولو تسأل في وقت واحد كل مطربي ومطربات السبعينات والثمانينات من هو صاحب الفضل عليك في الشهرة أو من اكتشف خامة صوتك لأجاب أغلبهم أنه الموسيقار الكبير محمد جواد أموري .وهو فوق هذا وذاك شاعر ومطرب أيضا فمن منا سمع ونسى أغنية (خلينا نشوفك خلينا) التي كتبها ولحنها وأداها أبا نؤاس رحمه الله .

وثمة من يقرن ألحان محمد جواد بالحزن والألم وهذه حقيقة في جانب كبير من ألحانه ولكن لا تصلح لتكون قاطعة فالفنان أموري فجع على حين غرة بوفاة رفيقة دربه زوجته أم نصير فأحس باليتم وهي التي كانت له كل شيء ولكن ما أنساه ألم فراقها أن القدر ونار حرب إيران اللعينة قد أتت على بكره وفلذته نصير لهذا كانت الكثير جدا من الألحان التي تلت الفاجعتين متوسمة بالحزن والوجع واللوعة .

والحديث عن إبداع وفن أموري لا يتوقف عند حدود أكثر من 500 لحن التي لحنها ويمكن لي من خلال قراءة في سفره الخروج بحصيلة تميزه عن كل من سبقوه أو عاصروه أو تلوه من الفنانين ملحنين ومطربين وتتميز هذه الحصيلة بهذه الصفات:

أولا: اكتشاف النجوم . فأبو نصير هو الأب الروحي لمطربين بعضهم أمسى أيقونة للغناء العراقي وماركة مسجلة لم يعرفهم أحد قبل أن يستوعبهم فن والحان أموري ومن هؤلاء مثلا لا حصرا. الفنان سعدي الحلي وانوار عبد الوهاب ووفاء البغدادي ورياض أحمد وستار جبار وقيس حاضر ووحيدة خليل وياس خضر وفاضل عواد وقحطان العطار وسعدون جابر وكريم حسين وصباح السهل ومحمد السامر ومضر محمد وكمال محمد ونغم محمد وأمل خضير وفؤاد سالم وحميد منصور وكريم منصور

ثانيا: المؤالفة والمزج بين الذائقتين المدنية والريفية.

نعم أموري هو أول وآخر ملحن استطاع أن يمزج بين حيرة المدينة وحزن الريف بين شجن الهور الجنوبي وصخب بغداد لهذا كون له لونا لحنيا لم يسبق لملحن أن يبلغ مبلغه . وهو حافظ على عراقية الأغنية ولعلنا حينما نستمع لياس خضر وسعدي الحلي نعي تماما أنه الملحن العراقي المطلق حتى في الألحان التي غناها بنفسه. بل وحتى ألحانه العربية حرص على تقريبها من النبرة العراقية.

توفي رحمه الله في ١١/تموز/٢٠١٤. وللحديث بقية……

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights