اخبار العراق

وفاة الشاعر الشعبي سمير صبيح إثر حادث سير

نعى عدد من الشعراء في مواقع التواصل الاجتماعي، الشاعر الشعبي سمير صبيح، الذي توفي إثر حادث سير في قضاء بدرة وجصان في محافظة واسط. و سمير صبيح 51 عاماً، من الشعراء البارزين كتب العديد من الأغاني العراقية، وقدم برامج شعرية خاصة

وفاة الشاعر الشعبي البارز سمير صبيح إثر حادث سير
وفاة الشاعر الشعبي البارز سمير صبيح إثر حادث سير

 

 

الشاعر العراقي سمير صبيحولادة شعر الشاعر سمير صبيح مع المعاناةكان العام ١٩٧٠ على موعد مع ولادة هرم شعري عراقي كبير، من رحم العوز والفقر والضيم العراقي وبين أفنانالبساتين والماء والطين ولد الشاعر سمير صبيح ماهي إلا سنوات قليلة ليكون مع موعد الحرب العراقية الايرانيةفكان واحد من بين ملايين العراقيين الذين عاشوا تلك الأيام الموجعة والموغلة بالحزن ولكنه يستشعرها بإحساسالشاعر المرهف، ويختزنها بداخله لتصنع منه شاعر مستقبليا، لم يكن سمير من أضراب الشعراء الذينيلاحقون الشعر والصورة والخيال فلقد ولد الشاعر بداخله ليكبر معه عبر الزمن ويكون أنيسه وسميره يشكو لههمه ويبث له أحزانه التي لا تنتهي، هناك في الجيش قادته الصدف ليتعرف على شعراء من مدينة العمارة
تلكالمدينة الشاعرة بطبيعتها وانسانها سمع منهم فأعجب شيطان الشعر الذي يسكنه بهذا الرفيق ليكون جوادا لهورفيق يشق به طريقه الطويل الذي ينتظره.كان سمير صبيح  يستمع إلى الأغنية العراقية التي كانت تبث في الثمانينات ويعكف على تدوينها كتابة ليقوم بحفظهادون ان يعرف شعراءها، لا يحتاج الأمر وقت طويلا فالشاعر الشاب يكبر أكبر من صاحبه ويسابقه إلى إعلان نفسهيبحث عن مكان وزمان مناسبين فليس كل الأماكن تعجبه لأن خياله الجامح مزاجي الطبع ومشاكس ومغامر لايهوى الجلوس ولا يحب الهدوء لا يزال هكذا حتى يجد ضالته في “الثورة” مدينة الفقر والغنى، تلك الازقة العجيبةوالمليئة بالتناقضات حيث الفقر والجوع والحرمان والوجع والإبداع في كل حقول العلم والمعرفة والموهبة التيتولد تكوينيا مع أهلها تسبقها الطيبة والكرم ويطغى عليها الحزن السومري السرمدي المرسوم على جباه أهلهاالسمر، الذي لم ينساه الجنوبيون عندما نزحوا.تحدي الشاعر سمير صبيح كبار الشعراء
وفاة الشاعر الشعبي البارز سمير صبيح إثر حادث سير
وفاة الشاعر الشعبي البارز سمير صبيح إثر حادث سير

وفاة الشاعر الشعبي البارز سمير صبيح

كازدحام أزقتها كانت المدينة تزدحم بأسماء كبيرة في الشعر كان يضمها المنتدى الذي كان بمثابة ملتقى ومنجملتفجير الطاقات كان كاظم أسماعيل الكاطع وفالح حسون الدراجي وحمزة الحلفي وطالب السوداني وطالبالدراجي والعربي ومحمد الغريب وجبار الفرطوسي وجبار محيسن ورحيم المالكي وغني محسن وغيرهم منالأسماء المهمة، مما زاد التحدي أمام الشاب المغامر شب بين هذه الأسماء بين زميل وأستاذ، ساهم المنتدىفي صقل موهبته وتنمية شاعريته وفي ذات الوقت تزداد صعوبة إعلانه للشاعر في ساحة مليئة بالشعراء الكباريحتاج إلى جناحين ليطير بهما محلقا فكيف له أن يطير؟جنح بيه

انكسر والثاني مخلوع
يشكو حياته غير العادله والظلم الذي حاقه ولكن هل يستسلم لها؟
وطرت كوة على عناد اليكرهون
إعلان واضح لقبول التحدي وأستعداد للمعركة يظهر فيه عصاميته وتقديسه لكرامته وعزة نفسه بكل كبرياء، معركة الزمان غير المتكافئة التي أختار ان يواجهها
زهكت الزمن طلعت روحه شلون
شرب دمي وأكله أشرب عوافي
يبدو أن لا هوادة فيها ولا مجال للاستسلام رغم الجروح الغائرة التي تلحقها به يكفيه شرف المواجهة وعدم الرضوخ
وسحب سيفه الزمن هل من منازل صاح؟
أعزل ما خفت والزمن نازلته
ما لحته نعم لكن ترسني جروح
بس عدي المهم ما عفته قاتلته.بداية تألق شعر الشاعر سمير صبيح في مهرجان الرباطفي مهرجان الرباط الذي كان أول مناسبة رسمية يشارك بها بحضور كبار شعراء العراق ومنهم عبد الرزاق عبدالواحد والراحلين الكبيرين عريان والكاطع أربك سمير صبيح الحضور وقلب المفاهيم والموازين فلم تكن مشاركتهالأولى ارشيفية ولا ليعلن نفسه كشاعر مبتدأ كما كان المتوقع فلقد سبق الزمن وعبر المراحل الطبيعية التي يجب ان يسلكها كل موهوب ليصل الى حد الشهرة والنجومية، صعد الشاعر المنصة التي تهوى مشابكة يديهوقرأ: انه همومي جهال وترضع دموعقصيدة (انه همومي جهال وترضع دموع) تعد نقطة انطلاق وتحول في مسيرة الشاعر سمير صبيح الشعريةلم تكن قصيدة عابرة او ثمة كلمات مقفاة تلقى في الأمسيات والمهرجانات بل كانت أوجاع روح عراقية مرسومةبدقة لا متناهية تحاكي الواقع الذي يستشعره الأنسان ولكنه لا يستطيع ان يعبر عنه بخطاب ، كل شيء فيهامسبوك بعناية فائقة حيث البناء والدخولية القوية مع شعور الصدمة من شدة البؤس والحرمان الذي كان يعانيهالفرد العراقي مع الصورة الشعرية التي ميزت شعره وصارت خصيصة له مع وحدة موضوعوها
وموازنتها بينعذابات الحياة وقساوتها وبين الأحلام والأمنيات، كانت ترنيمة عراقية خالصة وصادقة وتهويدة للجراح التي تنامنهارا وتستفيق ليلها ، وجدت منها الأمهات نشيدا سهلا تنوم فيها أطفالها وتؤنس فيها وحشتها ووسواسها لتكونرفيقة تواسي أحزانهن التي لا تنتهي ، فكانت بحق” دللول ” عراقي لا أتحدث هنا بلغة الخيال ولا مبالغة منضروب البلاغة ولا مجازا أجيزه لنفسي لا أطلاقا انها حقيقة أرويها سمعتها من صديق قال ان أمه كانت تقرأ لهوأخوته من بعده هذه القصيدة عندما كانو أطفالا في المهد ، قرأها فأستحقت تصفيق الكبار ونالت أستحسانهموأثارت عجبهم وأعجابهم ونال سمير صبيح لقب أفضل شاعر في نفس المهرجان وهو في العشرينات من عمرهفكانت هذه القصيدة سندباد أحلامه الذي حمله محلقا به في سماء الأبداع وهويته التي يعرف نفسه بها، ثمتوالت قصائده المبدعة واحدة تلو الأخرى فكانت تثير أعجاب الشعراء والذائقة وتثير حسد المتشاعرين الذينيتربصون بطريق النجاح والأبداع كما هي عادتهم في كل دهر فما كان منه إلا أن يشق طريقه وحيدا غير آبهبهم بل يقطف لهم قوافي من شعره مشبه نفسه بالنخلة الباسقة التي ترد بثمارها على من يرميها بحجرطبع نخلة إذا ترموني بحجار
أذب تمري وأخليكم تدنكونالمعاني والقضايا التي تناولها الشاعر سمير صبيح في أشعارهكتب سمير في كل ألوان الشعر الشعبي العراقي وأجاد فيه فكتب الزهيري (الموال) والأبوذية وكتب في بداياتهالشعريه العديد من الأغاني التي أشتهرت تسعينيا ولكنه أبدع في كتابة الزهيري بنسق مختلف وفي فترة لم يكنالشعراء يكتبون هذا اللون الشعري الا ما ندر، لأنه شاعر يجب ان يكون حالما وذو خيال وقبلها يجب ان يكون إنسانولكي يصبح إنسان عليه ان يلتزم بمبادئ يكون مقيدا بها وصادقا مع نفسه ومع الناس لأن الشاعر ملك نفسه فيوجدانه وملك الناس في وجدانهم، سمير صبيح استطاع أن يضع لنفسه مبادئ وقيم لا تخضع للتنازلات والمجاملاتفأضافت هذه المبادئ خسائرا إلى خسائره ولكنها ربحا بالنسبة له، كيف يكون الربح خسارة؟ نعم يكون هكذاعندما يكون الأنسان مناضلا معبرا عن هموم شعبه ورساليا في قضيته، لم يكتب سمير صبيح مديحا للنظامالفاشي أنذاك في الوقت الذي كان يتسابق به المطبلين والقرقوزات وأبواق السلطة على خطب ودها ونيلرضاها، لأنه شاعر يعرف معنى الكلمة وثمنها فلا يستطيع ان يزور الظلم ويحوله الى عدالة لأستشعاره مرارةهذا الفعل وقبحه ولأنه فارس أختار الصعاب والمواجهة على الطرق السهلة للوصول ولأنه حرا لا يستطيع انيكبل نفسه بانتماء ضيق مهما كان عنوانه لأن انتمائه للعراق ملا كل شيء عنده، فكانت قصائده الوطنية مدويةبالرفض لكل من يمس كرامة وطنه أو يتعدى على أهله، فكانت “عونك يا وطن” نداء تلبية وطنية ورسالة شهدتالرفض القاطع لأي محاولة للتدخل بشؤونه وادانة لجيرانه الذين خذلوا محنته وأزدادوا فيها ألما، وظل حاملا لواءالدفاع مستخدما قوة الكلمة التي يملكها ردا على كل الإساءات فلم يسبقه بهذا الشأن شاعر ولعل قصيدة الردعلى ملك الأردن بعد تصريحاته الطائفية وقصيدته الموجهة إلى الحكومة الكويتية خير دليل ، فكان شاعر الوطنبحق لا يمكن لأحد ان يزاحمه على هذا الموقع او المكان لأنه لم يتأخر عن منازلات الوطن الخارجية والداخليةراسما جروحه ومعبر عنها بصدق ودقة، لأن الوطن ليس حبيب مجهول تمدحه أو تكتب له ولا ميت ترثيه ولكنه أبوأم وأسرة وشرف وتربة وماء وجبل كل هذا هو الوطن الذي تتحمل من أجله الخسارات وتقدم له دون ان تسألهالعطاء فخسر من أجل العراق أناس ومواقع شخصية ربما، هكذا تجد في شعره كل شيء في الطبيعة يرمز إلىالوطن.سمات وميزات شعر الشاعر سمير صبيح الفنيةأما في البناء الفني فقد تميز شعره بالصورة الشعرية القوية التي يصطادها ببراعة الصياد الماهر فملأت قصائدهوأزحمت بها، فكانت القصيدة مكثفة بالتصوير الفني دون ان يؤثر على تراتبية القصيدة وموضوعها ودون ان يشعرالمتلقي بتكلف بالنص او أقحام للمفردة ، فكانت قصائدة امتدادا لجيل جديد من قصائد الشاعر الكبير كاظمأسماعيل الكاطع الذي تميز بهذا النوع من الشعر مع الاحتفاظ بالخصوصية ولعله لا يوجد من شعراء العراقالبارزين من يختلف على صدارة سمير في خلق الصور الشعريةدرت وجهي على نيتي وشفت ظلك فات
وعلى طينت خيالك قمست عيني .
او
حذر بسوالفي نكلة جدم صياد
وأسئل خاطرك ما يوم جفلته
او
تجوينه نعم نكطع هواها تموت
كافي تظل عمر بجفوفنه الجمرة
وفي كل بيت من أبياته تجد الصورة
الشعرية مركبة بشكل يكشف عبقرية الشاعر الفذة
الناي لو ما يون جا حاله حال الكصبونين الناي الذي ميزه عن القصب ميز الشاعر عن سواه ذلك المقطع الذي أتى به الناقد الكبير كاظم غيلان دليلاعلى أعتبار سمير صبيح شاعر التسعينات الأول.براعة الشاعر سمير صبيح في مواكبة الحداثة والتجديد في شعرهاما في مجال التجديد فقد برع الشاعر بقصائده الجديدة في إدخال مفهوم الحداثة بالشعر من دون الهبوط به إلىشعر “الشارع ” الذي يستهوي الجمهور أو بعضه بل أحتفظ بالمفردات الشعرية المتولدة من التراث والبيئةوسخرها في خدمة الجيل الحالي لكي تكون قريبة منه ويفهمها فحافظ على اللغة الشعرية من الأسفاف والهبوطالذي تعاني منه وأستطاع ان يوصلها للجمهور الذي يرفض سمير صبيح ان يقود النخبة والشاعر بل يرى ان منواجب الشاعر ان يهذب الذائقة الشعرية ويرفعها وليس العكس، شاعر النهرين والمواجع يكتب فيصعب تقليده بليستحيل يحبه القريبون منه فيرون فضله على شاعريتهم ويبغضه الآخرون فلا يتورعون من قراءة شعرة والأخذ منهدون ان يعترفوا بذلك لكن كلماته تفضحهم ، يستطيع الانسان أن يحيى حياته دون أعداء أو خصوم أو منافسينولكنه لا يمكن ان يكون مبدعا وملهما دوان ان يكون له خصوم ولكن العجب من المتشاعرين او صغار الشعراء الذينيحاولون جلب الإثارة لأنفسهم عندما يتهجمون على هكذا صرح عراقي وطني فيضعون أنفسهم في موضع الإحراجكأنهم لم يقرأو شعره او أنهم يستحقون هذه المنزلة التي وضعهم فيها..(وكلوله انه وتد على الردته أثبت بعد
لو كثر فوكي الدك )واليتفل على السمه شيحصل
التفال ؟البيئة التي يتغنى بها الشاعر سمير صبيح في أشعارهاما محاولات الاختباء خلف مفاهيم فضفاضة يستخدموها كذبا وزورا من أجل ان يفرغوا حقدهم أو عقدهم اومشاكلهم الشخصية فهذه السذاجات لا يمكن أن تعبر على الذائقة الشعبية فضلا عن الوسط الثقافي العراقي،القرية العراقية والريف هي روح الشعر الشعبي والأدب الشعبي عامة ولا يمكن ان يكون هناك شعرا دون القريةسواء بمفرداتها او شخوص الشعراء أو البيئة التي يتغنى بها الشعراء مادة لشعرهم كالناعور والزرع والنهر والطينوالمسحاة وغيرها الكثير….الثقافة في حياة الشاعر سمير صبيح والعراقيينواما الثقافة فربما كنت صادقا فنحن العراقيين لم تسعفنا الحياة لنقرأ لكارل ماركس وسارتر ونيتشه وشوبنهاوروديكارت ودويستوفيسكي وألبير كامو الذين قرأت لهم يا سيدي المثقف، الثقافة ممكن ان يكتسبها الأنسان فيمستقبله ويتعلمها فليست شيء بأهمية بالغة لأننا كعراقيون نولد مثقفون بحضارتنا ولكن هناك شيء لا يمكن أنتتعلمه في المدارس والجامعات إنه الاخلاق، وأخير إلى الجميع فسمير صبيح الشاعر هو جبل شاهق الشاعر منيستطيع ان يصل له ومن لا يستطيع فليرميه بحجارة لعلها تصيبه فيكتب عنه التاريخ أنه فلان الذي رمى سميرصبيح.المصدر موقع مقال

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights