دماء ودموع وصور من احتلال مدينتي ” الهنـدية “

كان كل شيء قد انتهى ولم تعد هنالك خشية من هجوم أمريكي على (طويريج) لأن المدن المحيطة بها سقطت بيد الأمريكان ، الحلة وكربلاء والنجف فالمدينة عمليا محتلة ولكن ما الذي حصل؟

تعالوا أنقل لكم صورة ما شاهدت بالكلمات.

استيقظت المدينة على أصوات( سرف )الدروع والرصاص والطائرات والقصف المدفعي . ما الذي حصل ومن وقف بوجههم وعلى من يطلقون النار ؟

كنت أسكن شقة في بناية تسمى ( عمارة الكتبي ) داخل زقاق في محلة تدعى الطنبي حيث سكنت هذه الشقة خلال بناء بيتي ( الحالي ) خرجنا مذهولين وحال خروجي من الشقة استقبلني فتية الحي حاملين شيخا ممزق الجسد عرفنا إنه يكنى أبو حيدر الدعمي( من منطقة السياحي )إذ كان في طريقه وحفيد له إلى المستشفى العام لعيادة مريض لهما ، كان يصرخ لكن ليس من الألم وشدة الجرح وغزارة النزف ولكن يطالب بمعرفة مصير حفيده . ولكن هيهات فقد مزقه رصاص (التحرير) .

اقرا ايضا :قضاء الهندية رسميا أو قضاء طويريج شعبيا

بعد قليل انهالت الصواريخ على الحي والأهداف يمكن اختزالها في الصورتين المرفقتين :

الصورة الأولى جملة أهداف ( استراتيجية ) بالنسبة للأمريكان وهي :

1- بيت المرحوم الشهيد عبد الأمير جبار والذي هد على ساكنيه جميعا وعددهم 12 فردا ، قتل تسعة منهم ، وعندما هب شباب المنطقة لنجدتهم وإخلائهم استهدفهم القناصة فكان أن قتل صبيان هما حيدر حامد صاحب نايف الكريطي وابن عمه محمد( وحيد اهله ) وهو نجل الشهيد رضا صاحب .

2- بيت جبار ( أبو ماجد )ابو أبو مؤمل المسعودي .

3- بيت سيد محمد علي وإصابة الحاجة أم هادي بجروح بالغة .

4- بيت سيد حسين محمد علي الذهب حسين الذهبي وتهديمه بالكامل والحمد لله لم يصب أحد بسوء بقدرة الله وحده سبحانه فقد نجوا وهم كانوا مجتمعين بإحدى زوايا المطبخ . نعم كانت نجاتهم معجزة حقيقية فقد تحول البيت إلى أنقاض باستثناء بضعة أمتار من المطبخ كانت العائلة تحتمي بها وقد زرت البيت صحبة الأخ حسين وشاهدت المأساة ومعجزة نجاتهم .

5- بيت سيد زاهد عبد الأمير زاهد الموسوي والذي تبدو النار مشتعلة فيه حيث احترق بالكامل وتحول إلى ركام من رماد .

وماذا بعد ؟

كنت أعتقد أن شقتي ستكون في منأى كامل من أن تكون هدفا كونها في زقاق وفي منطقة سكنية كثيفة ولا أثر لوجود أية مؤسسة أو دائرة أو معسكر يمكن أن تطاله وتستهدفه حربهم( الذكية )لكن ما الذي حصل ؟

ارتجت العمارة الصغيرة بفعل لا أعرفه إلا لاحقا فقط أرسلوا صاروخان الأول في وسط العمارة بمحاذاة شقتي وانفجر في زاوية ملاصقة لدعامة كونكريتية فهدمت المحلات الواقعة في سوق العمارة وأرسلوا الصاروخ الثاني كما يفعلون مع الأهداف الحيوية الشاقة الاختراق وفضل الله ورحمته أكبر فقد دخل الصاروخ الثاني أسفل العمارة ولكنه لم ينفجر مع أن حيطان وسقف البناية قد تشققت .

أما الصورة الثانية للسيدة التي تجلس على جسر الهندية فهي كريمة الحاج حنتوش الكببجي ( أغلب أبناء الهندية يعرفونه )وهي ( في الصورة ) كانت مصابة مخضبة بدمائها الطاهرة في حين يظهر الشهيد ميثم عكموش رحمه الله مضرجا بدمائه أبعد منها بأمتار بعد أن قتله هذا ( المحرر ) خلال عبورهما إلى حي الجمعية سيرا على الأقدام . وللعلم فبعد هذه اللقطة بقليل وخلال انسحاب الجنود من المكان حاول بعض الصبية الوصول الى المصابين ولكن تم قتل اثنين منهم وهما جاسم وحيدر أولاد محمد حسون الدعمي رحمهما الله فقد استشهدا غيورين بمعنى الكلمة حاولا أن ينجدا الحاجة وزوجها وكانا بعد لم يبلغا سن الرشد أو أحدهما على الأقل . زهرتان يانعتان قطفهما المارق المحتل .

وغيرهما كثير أعرف منهم علي عبد الأمير منصور النصراوي وسعد وابو سلام حيث قتلا بالرصاص قرب بيت عمي أبو لقاء الشريفي . وغيرهم كثير لا أعرف أسماءهم يرحمهم الله .

وبعد فهؤلاء وهذه صور من مدينة دافئة آمنة غافية على أديم الفرات ترى ماذا فعلوا عند دخولهم مدنا تصدت لهم بالسلاح و( قاومتهم )؟

اقرا ايضا : البروفسور اللواء المهندس أحمد مرتضى أحمد الزهيري من سلسلة طويريج الذهبية

الهندية لم تطلق رصاصة واحدة عليهم وفي مكان واحد فعلت هكذا ، وطبعا هناك العشرات من الحوادث عدا هذه في أماكن أخرى من المدينة لم أكن بحكم موقع بيتي شاهد عيان عليها .

ملاحظة / لطفا وليس أمرا أحبتي من تختزن في ذاكرته معلومات دقيقة عن ذلك اليوم المشؤوم أو تصحيح معلوماتي فليرفدني بها ويمكن إدراجها من خلال تعديل المنشور .

بقلم علوان الشريف