شبكة عراق الخير: متابعة
– حين اُتهِّم سقراط بالهرطقة وإفساد عقول الشباب وحُكِم عليه بالإعدام في ٣٩٩ق.م لم تكن السلطة راغبة جداً في التنفيذ وتمنّت لو يهرب من السجن ، وأتاه عدد من تابعيه ومن بينهم الفيلسوف افلاطون وألحوا عليه أن يسمح لهم بتهريبه فهم قادرون على ذلك برشوة الحراس ، ولكنه رفض وكانت حجته ، كيف لنا ونحن الحكماء الذين ندعو إلى تطبيق القانون نتحايل ونهرب من تطبيقه ؟ فذلك تشجيع مني على مخالفة قوانين أثينا وأصر على التنفيذ بتناوله سم نبات الشوكران حتى مات .
– بعض الروايات تشير إلى أن علياً عليه السلام بنظره الثاقب وقوة ملاحظته وما تواتر له من العلم الغيبي عرف أن ابن ملجم قاتله وحين سُئل لماذا لا تقتله قبل أن يقتلك أجاب “وَيْحَكُم لا يجوز القصاص قبل الجناية” ولو كانت الجناية قتله عليه السلام .
– الدولة عند هيجل عقل محض ، وعند غيره مؤسسة قانونية تنضوي تحتها كل المؤسسات ، وعند آخرين ضرورة حتميه فلابد للناس من أمير براً كان أو فاجراً لحفظ الدين والأرض والمال والعرض والنفس ، وهي الوحيدة المخولة باستخدام العنف والإكراه لمصلحة العام من أفرادها ، والدولة تعني للجميع قانون حاكم .
– كلما غابت الدولة عن محافظة أو اقليم ما ، أو ضعفت ، كلما أصاب الضرر عددا أكثر من الأفراد في تلك البقعة ، فضرر غياب الدولة أكبر كثيراً من وجودها .
– سقوط الموصل سبقه ضعف الدولة وغياب القانون ، وأخذ الأتاوات ، واغتيالات لمنفذين مجهولين ، ونشاط العصابات في الأزقة والأحياء ، والتحريض على القوى الأمنية ، فدفعت الثمن غالياً ودفع معها الوطن كله ثمناً أغلى .
– في الناصرية اليوم يتكرر المشهد ، فمجموعة تُقيل هذا المسؤول أو ذاك ، ومجموعة تُعيِّن ، ومجموعة تستولي على الاوكسجين ، وأخرى تتولى توزيعه ، وكل مريض معه عشرة مرافقين ، والعشائر تتدخل ، والكتل السياسية تتدخل ، والوجهاء يتدخلون ، ورئيس الوزراء لا يتدخل ، والقانون لا يتدخل ، فلا غرابة أن يكون أكثر الاصابات في الناصرية ، وأكثر الوفيات فيها ، وستكون أول محافظة تعم فيها الفوضى اذا ما اريد للعراق أن ينفجر ، بل الخطة أن يبدأ تفجير العراق من الناصرية .
الخلاصة أن احترام سلطة القانون لا ينفع الدولة بقدر ما ينفع المجتمع نفسه وان كان ذلك ثقيلاً أو حتى مضراً لبعضهم .
