فن

فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد

فلاح ابراهيم :  العشق لفن التمثيل كان يلاحقه مذ ايام صباه، ايام كانت احلامنا تلاحق غبار الحنين الى ان تأخذنا الايام
الى التميز الذي يرضي النفوس ويمنحها بعض الهدوء , نفوس اولاد الطين والليالي غير المستقرة عند ضفة ما، يمسكون احلامهم الطائرة مثل زرازير شجرة السدر، لكنها ماتلبث ان تترك الاخضرار مهاجرة الى امكنة اكثر رحابة واتساع ، يوماً انصت الى فلاح ابراهيم، بعد ان غدا نجماً يتحدث عن بداياته، اقتطع تلك الفترة المكونه لذاته ،ودخل سريعاً الى بدايات اكاديمية الفنون ولا ادري لماذا، رغم قناعتي اننا جميعاً ما كنا لنكون لولا تلك الخطوات المصحوبة بتحديات كثيرة والمشيدة لروح البدايات ،اراقب فلاح ابراهيم ممثلاً.
فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد
فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد
منذ دخل المسرح، الذي اتقن حرفيات التعامل مع شخوصه وكيفيات التعاما معها، يمسك روح الشخصية المجسدة ثم يبدا بالتفكيك الاستدلالي لقراءة معاني الوجود داخل النص وليعاود التجميع ثانية بحسب المواصفات والرغبات التي يظن انها الاقرب اليه، لهذا يرى المتلقي ان ثمة الكثير من المتطابقات بينه والشخصية المجسدة،هذا غير الدلالة الجسيدية التي
يختص بها فلاح ابراهيم والمغايرة اللافتة للنظر، التبادل التأثيري واضح بينه وبين المتلقي المتحفز المستقبل لافكار العرض وقوة تفاعله مع الكاميرا التلفازية يبدو فلاح ابراهيم مشدوداً لمساحة المراقبة بينه وبين الكاميرا محاولاً الامساك بسعاته الادائية التي قد ينالها الارتباك في بعض المواقع وهذا لا تشوبه غرابة او استغراب مع الممثل العراقي الميال للاداء المسرحي وشده اكثر من الاسترخاء والتخلص من علامات التوتر والشد وخاصة في طرق الالقاء.
فلاح إبراهيم (1962)، الذي درس الإخراج المسرحي في كلية الفنون الجميلة في بغداد، انشغل بالتمثيل ولم يبدأ تجربة الإخراج إلا سنة 2000. ولعل “الهجرة إلى الحب” و”خريف الجنرالات” و”حرير” هي أهم أعماله.
يتسلّح المخرج العراقي بمقولة أحد أساتذته البريطانيين: “المخرج الذي لا يحلم، لا يرتقي بالممثل”. يحب إبراهيم أن يطبّق هذه المقولة على الجمهور أيضاً، بمعنى خاص لـ “الحلم”. في لقائه مع “العربي الجديد” يقول: “على المخرج أن يقرأ النص ثم يحلم به، يتصوّره كاملاً، يعيشه حلماً، ثم يشارك الممثلين به ثم يذهب الممثلون بالحلم إلى الجمهور”.
يتوالد هذا الحلم مع كل عرض، يضيف “إذا كان في القاعة مائة مشاهد، فمن المؤكد أننا سنخرج من القاعة بمائة حلم. وكل حلم ستنعكس فيه ثقافة المشاهد ووعيه وحالته النفسية وفهمه للأشياء. عندما تقدم شيئاً واضحاً فلن تجد سوى رأي واحد حوله”.
ما يعيق تراكم هذه القراءات والأحلام، بالنسبة لإبراهيم، هو حجم جماهيرية المسرح اليوم، فـ “التلفزيون الذي احتكر الجذب الجماهيري لا يمرّر المسرح، مما يجعل أي عمل مسرحي يعرض عشر مرّاتٍ أو عشرين مرة، ثم يمر الفنان إلى عمل جديد، وفي كل مرة لا يمس إلا فئة قليلة”.
فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد
فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد
لكن إبراهيم يشير إلى أن المسرح ليس في حاجة فقط إلى الجماهيرية الموسّعة، إذ يحتاج قبل ذلك إلى نقد سليم وممنهج.
يقول “الناقد عنصر رئيسيّ في العملية المسرحية، أعني ذلك الناقد الذي يدرس الفكر الإخراجي، هل رافق النص، هل تحدّاه، هل تجاوزه؟ كما يدرس الأداء التنفيذي، هل صبّ في مصلحة الإخراج؟ هل اتفق مع فكرة المخرج ورؤاه؟”.
إضافة إلى هذه المعيقات الخارجية، يعترف المخرج العراقي بنقائص داخل المُنتَح المسرحي نفسه.
يذكر في هذا الصدد “التركيز المفرط على البعد الحواري، وهو أمر لم يضر بالمسرح وحده وإنما أيضاً بالسينما العربية”.
يلاحظ إبراهيم سيطرة المونودراما على المسرح العربي في السنين الأخيرة. ورغم أن لديه أعمالاً ضمن هذا النمط المسرحي، إلا انه يقول “لا أحب المونودراما في المسرح لأنني أعتبرها جنوناً، فالإنسان الذي يكلّم نفسه بصوت مسموع يمثل وضعية شاذة على الحياة، هو مثل المجنون. رغم ذلك أخرجتُ مسرحية (حرير) للفنانة ليلى محمد“.
فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد
فلاح ابراهيم .. وسامة التجسيد
يعتبر إبراهيم “المونودراما محنة ثلاثية: محنة المخرج ومحنة الممثل ومحنة المشاهد, فالمخرج يعاني ليفهم ما أراده الكاتب، ثم يأتي الدور على الممثل وأخيراً يعاني المشاهد حتى يفهم, ينبغي على هذا المتفرّج أن يفهم أن المؤدي حين يغير صوته أو ملابسه فهو يعني انتقاله إلى شخصية أخرى. هذه التفاصيل قد لا تصل إلى المشاهد، وهو ما يدخل العمل في مسار من المعاناة”.
لعل هذا التعقيد هو ما يبرّر نفور إبراهيم من المونودراما، وهو تعقيد يسري على مجمل المشهد المسرحي العربي، مما يطرح إشكالية تناسُب الخطاب المسرحي مع الذائقة الجماهيرية ودرجة الفهم.
توترات فلاح ابراهيم التجسيدية ظلت تصاحبه حتى اصبحت ملمحاً مهما من ملامح تميزه الحياتي والتجسيدي وعملت على ان تجعل مع شخصية متحفزة شديدة الملل والحزن والارتباك!!
…………..
فلاح ابراهيم..وسامة التجسيد!!

بقلم/شوقي كريم حسن

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights