مقالات
ليث عبد اللطيف .. قصة نسيان
ليث عبد اللطيف : كلما رأيته يخطو مسرعاً داخل اروقة الاذاعة، قاطعت مسيرته العجلة على عمد، ملوحاً مكر، الى اين تمضي ولا مكان يأوينا سوى هذه البناية العجيبة التي تسمى اذاعة، لم اسمعه يقول ما يصنع جفوة بل كان يبتسم بالفة انسانية محببة، قائلاً : أمشي كمل تمثيلية الاسبوع مابقه كدامنه غير جم يوم بدل ما تتمندل بالممر !!
وجه بغدادي مفرط بالطيبة، لم اره يوماً واقعاً تحت طائلة الغضب او حتى اللوم، ممثل ومخرج اذاعي يمتلك ادوات نجاحه التعبيرية بصوت خال من شوائب اللحن سوى باللغة العربية او باللهجة البغدادية القريبة من اللغة الام.
مع شخوص التجسيد الاذاعي كان ليث عبد اللطيف حذراً، بتأمل العلاقات الدواميه بين شخصيته المجسدة والشخوص التي ترافقة في بناء المسمع الدرامي، لايتكيء على اداء المقابل له ولايمتلك رغبة التفوق يظل داخل الفعل مع حرص شديد على تنفيذ ملاحظات المخرج والكاتب معاً .
ميزة ليث الاثيرة بالنسبة ليَّ الاهتمام بجدية الملاحظات التي يظهرها ابان قراءة النص، يشير الى القوة في هذا المسمع او الحلقة او الضعف الذي يحتاج الى تغيير الفعل وتقويته.
حين انتقل ليث عبد اللطيف من الاداء الاذاعي الى الاداء التلفازي، حاول تغيير النمط الادائي لكن الجهات الاخراجية ارتضت له ان يظل داخل النمط البغدادي حتى وان تغير الشكل، شكل واحد داخل شخوص متعدده.
ارتضاه بحب ودون اعتراض نقله الى المسرح مع وفرة جميلة من الكوميديا الراقية الفاعلة، لو اراد ليث عبد اللطيف اتخاد الكوميديا مساراً لكان واحداً من اهم الممثلين في هذا المجال السخي البهجة.
اقرا المزيد..محسن العزاوي .. القوى الخالقة
محنة ليث عبد اللطيف خجله وتردده في المطالبة الاقتحامية كان يجلس منتظراً دون ان يطرق ابواب مخرج او مؤلف او منتج، تبوء ليث عبد اللطيف منصب رئيس قسم المنوعات في اذاعة بغداد منذ ستينيات القرن المنصرم وبقي متواصلا لغاية التسعينيات وقبيل احالته على التقاعد .. وازدهر بفترته قسم المنوعات الذي يعد الشريان الرئيس للاذاعة ، وقدم الدعم الكبير لجيل الشباب عندما فتح ابواب قسمه للطاقات الشبابية في الاخراج والتمثيل والتاليف .
لم يقف الراحل عند حد بل راح يمثل في اعمال تلفزيونية وسينمائية ومسرحية ليسجل له اسما كبيرا في عدد من الاعمال وينفرد بالشخصية البغدادية الطيبة التي كان يجسدها بكل مهنية وفتح الابواب لمخرجي الدراما باختياره لتجسيد الرجل البغدادي الاصل.
ولد ليث عبد اللطيف عام 1944 في اعظمية بغداد اختار منطقة السفينه ملجا له لم يغادرها ابدا كان محبوبا من قبل ابناء منطقته واستطاع الراحل ان يشق طريقه في الدراما العراقية مخرجا وممثلا واداريا ويحقق حضورا لافتا منذ ستينيات القرن الماضي ،وبدأ الراحل مع فرقة الزبانية قبل اربعة عقود في مسرحية شلتاغ التي كانت تتحدث عن مغني بغداد في العهد العثماني ليواصل مشواره الفني ليحصل على اول بطولة مطلقة في السهرة التلفزيونية ذو النورين.
من اهم اعماله في المسرح هزي تمر يا نخلة و ايدك بالدهن ، حايط انصيص ، شارع النجوم، و الف عافية ، مريدي ولندن ، لحوم فاسدة، فلوس وعروس، حفلة السيد المحترم، عرب فوق وعرب تحت. وفي التلفزيون برز في استراحة الظهيرة و يوميات تعبان والدرس الاول وغربة وطن.
اقرا ايضا.. هند كامل .. الابداع ارثاً
تلك مسيرة خفيفة الروح نتذكر فيها ممثلاً مهماً وان كان قليل الحظ في الاكثار وغيابه الذي اقعده البيت مريضاً حتى انتقل الى رحمة الله!!