جبار جودي .. سينو غرافيا العقل

جبار جودي : حين تتابع جبار جودي تكتشف خصلتين مهمتين الاولى انه يؤطر ذاته ضمن مكون صوري فاعل وشاسع الامتداد،والثاني انه يعطي للصورة الواحدة فسحة تمهد لاكثر من قراءة تمكن المتلقي من الخوض في تفاصيل الاحداث المسرحية دون مقدرة على الاهمال او التجاوز الذي قد يحدث ارتباكاً.

لدى جبار جودي تغدو السينوغرافيا قوة تفسيرية مساندة لمناخ العرض المسرحي وربما من دونها تغدو مجرد لحظات حكي عابرة غير مستقره، هذه الذهنية التركيبية لدى جبار جودي لم تك وليدة صدفة او هي بطر جمالي، بل هي اس معرفي درسه بصبر متابعاً جذوره واشكاله التكوينية وكيفيات اشتغاله داخل الفضاء المسرحي العام او في ايجاد مجموعة العلائق المحفزة بين السينوغرافيا والمجسدين.

لاشيء يأتي من فراغ لدى جبار جودي ولاشيء يمضي الى فراغ ايضا، يعمل على ايجاد الروابط التفاعلية وتنميتها من خلال الهيأة التجسيدية بكاملها.

جبار جودي المشتغل داخل التحليلات السينو غرافية هو غيرة بالتمام حين يكون ممثلاً يقف امام الكاميرا، يتلاشى الشد المعرفي ليكون محله تجسيداً مسترخياً يحسب الحسابات الدقيقة للحركة والروح الانتمائية للشخصية المجسدة، ما يساعد جبار جودي على الابهار في الاداء هو مجموعة مكوناته الخارجية الجاذبة ومعرفته الدقيقة بالعلاقات بين شخصيته المجسدة ومجموعة الشخصيات الاخرى الصانعة للحدث والمسهمة في تطويره ودفع تأثيراته الى امام وتلك خصيصة كان على جبار جودي الممثل الافادة منها وتطويرها من اجل دفع الاتجاه التمثيلي لديه الى امام.

اقرا المزيد: محسن العلي .. تحديات التأسيس

ماحدث ان قيادة نقابة الفنانين من قبل جبار حودي وهي قيادة فاعلة مكنت من دفع العجلة الفنية الى امام، اوقفت ذاته التمثيلة، لانه يعيش داخل زحمة اشتغال يومية بما يمكن ان اسميه دوامة النقابة بكل مافيها من مسميات.

الكتابة لدى جبار جودي هاجس مهم اصدر كتاباً عن السينو غرافيا، لكنه لم ينتم الى الكتابة بكليته، ظل يقف عند مفترق طرق شديدة الصمت وشديدة الاندفاع ايضاً، خطواته الفاعلة تتحرك وتحرك النقابة الى امام، لكنها تظل منتظرة ما يجب ان يكون في المحطات المعرفية الاخرى وهي الاكثر تاثيراً وثباتاً وانتماءً الى الارث الجمعي الجمالي الذي يحتاجه المتلقي في زحمة الضياع الذي يعيشه والتراجعات التي تحدث دون طلب منه، تلك الاشارة يجب الانتباه لها وتفعيل دورها داخل الذات الادائية لدى جبار جودي الفنان المعرفي الكاشف عن المكونات الجمالية الروحية وهي مكونات لا غنى عنها في الاشتغالات سوى في الفضاء المسرحي او داخل الانظمة الجمالية الابداعية الاخرى.

ولد جبار جودي جبار العبودي سنة 1967 في المشخاب بمحافظة النجف العراقية, حصل على دبلوم إخراج مسرحي سنة 1990، وبكالوريوس إخراج مسرحي في 2004، ثم ماجستير ودكتوراه جماليات وتقنيات المسرحية سنة 2009.

قام بالتدريس في قسم المسرح بمعهد الفنون الجميلة ببغداد من 1992 حتى 1995، ثم في مركز التدريب المهني في صنعاء الجمهورية اليمنية من 1996 إلى 1999.

اقرا كذلك:مازن فيصل الشبلي مديراً جديداً لمطار بغداد الدولي

تدرج في مناصب عديدة في السينما والمسرح العراقي منذ 1992 مديرًا ومصصمًا ومخرجًا وهو موظف في دائرة السينما والمسرح ومخرج للفرقة الوطنية للتمثيل.

شارك في تصميم الديكور والإضاءة لعدد من المسرحيات والأعمال التلفزيونية العراقية, هو مؤسس ومدير قسم التقنيات الفنية بدائرة السينما والمسرح 2007ِ- 2008، ومؤسس ومدير الفني لقناة دجلة الفضائية 2007-2008.

فاز بانتخابات الفنانين في 5 أغسطس 2018 بمنصب نقيب الفنانين العراقيين, هو عضو اتحاد المسرحيين العراقيين، واتحاد الإذاعيين والتلفزنييون العراقيين… من كتبه:

* «السينوغرافيا المفهوم العناصر الجماليات»، 2016

* «فوفي وفافي»

* «محنه»، 2002

* «حصان الدم»

* «خيانة»، 2016

* «فلم»، 2017

وشارك ممثلًا في مسلسلات:

* «النخلة والجيران»، 2010

* «سايق الستوتة»، 2011

* «التيتي جابي القطار»، 2013

* «أنا والمجنون»، 2014

* «طيبة»، 2021

* «سلطان وأميرة…أكشن»، 2021

تلك المسيرة المتوهجة لدى جبار جودي ستظل فاعلة تبحث عما يزيد طاقاتها تجدداً لتوكيد ذاته الابداعية التي يحتاجها الفن العراقي، الواضح التراجع داخل مديات التراجع الاجتماعي والسياسي العامة، تلك مهمة قد تبدو صعبة لكنها ممكنة لدى مبدع عارف باهمية اشتغاله مثل جبار جودي!!