مقالات

محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية

محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية .. الذكريات الجميلة هي نجوم في السماء تتلألأ ودرر نزين بها كلامنا، وسفينة أحلام نركبها ونبحر بها عبر الأيام الحاضرة بأمل إستعادتها لكي نحيا ونسعد بها، وهذه هي ذكرياتنا مع الماضي وأهله الطيبين الذين لم يذكرهم ذاكر لتكون أستذكارا وبصمات مشرقة ورائعة تفتخر بها الاجيال.
وفي موضوعنا الجميل هذا كانت لنا رحلة مع الماضي مستذكرين فيها المنطقة وأهلها الطيبين من خلال الذاكرة الشفوية أو (الشفهية).
محطة قطار كربلاء:
أُنشئت محطة قطار كربلاء (محطة سكة حديد كربلاء) عام ١٩٢٣م في بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عهد الملك فيصل الأول وفي وقتها تم اقامة إحتفال حكومي وشعبي بمناسبة التأسيس، وقد حضر حفل الافتتاح الاستاذ مولود مخلص متصرف لواء كربلاء واسماعيل أفندي مدير الشرطة اللواء وسادن الروضة العباسية المقدسة السيد محمد حسن ضياء الدين وعدد من سادات وأعيان وشيوخ المدينة.
وكانت مهمة المحطة الاساسية هي نقل المسافرين والبضائع التجارية والوقود.
في يوم ٢٥ رجب عند تدشين القطار لاول مرة تم نقل الزائرين بالمجان وذلك بمناسبة وفاة الامام موسى الكاظم عليه السلام، وبعد وفاة الملك فيصل الأول قام القطار بنقل المسافرين الى بغداد مجاناً لمدة ثلاثة أيام .
ويذكر لنا الاخ حميد حسين مناور المسعودي (أبو امجد) وهو من سكنة المنطقة وكان المرحوم والده احد العاملين في محطة قطار كربلاء
قائلاً:
محطة قطار كربلاء
هي احدى اقدم مناطق كربلاء وتقع جنوب المدينة القديمة وكانت آخر منطقة من جنوب كربلاء ومجاورة للمستشفى الحسيني القديم من جهة الشرق وتمتد شرقاً الى محطة الوقود (البانزين خانة) المجاورة لمرقد السيد جوده.
وتحدها من الشمال اربعة بساتين مثمرة الواقعة على نهر الهنيدية وهي المسماة ببستان (هليل) أو حجي نايف.. وكذلك بستان عباس.. وبستان حمود.. وكان يعزل سكن المنتسبين عن المحطة سياج حديد محكم يعزلهم عن مسار القطار..(سكة الحديد).. وكان هذا السياج من عمل شركة انكليزية عملته مع بناء المحطة الرئيسي..اي الدائرة.. وكما بنت الشركة عدة بيوت على نظام القبة (طيقان) بدون حديد وكانت هذه البيوت لاتكفي للعمال فبنوا بيوت من اللبن (طينية) آنذاك.. كما بنت الشركة بالتعاون مع دائرة السكك مخفراً للشرطة تابع لمديرية شرطة السكك خاص بالمنطقة.
وكذلك عملوا خزان ماء كبير… يحتوي على ثمانية أحواض معلقة… لسد حاحة سكان المنطقة وكان ذلك من عمل الانكليز، وقبل خمسة سنوات تم الغائه وتفكيك الحديد منه.. وتوجد كذلك اربعة مرافق في كل ركن من أركان المنطقة مع عدة حنفيات ماء موزعة صالحة للشرب، وكذلك توجد بناية خاصة لمدير دائرة المحطة ومعاونه، وغرفة للعمليات عن حركة القطار والحمولات التي ينقلها من كربلاء باتجاه الحلة /سدة/ بغداد، وكانت هناك غرفة خاصة بالبرقيات واتذكر كان مسؤول عنها المرحوم صادق شويليه.
وكذلك توجد بناية كبيرة جداً خاصة لاستراحة المسافرين، وبالجانب الآخر مخازن لخزن التمور والحبوب المصدرة عبر القطار، ومن أهم تجار التمور كان المرحوم الحاج كاظم عبيس الوزني والحاج المرحوم ميري العبيس الوزني. وكانت الحبوب والتمور تنقل عبر محطة القطار إضافة للتمور والحبوب كان تنقل ايضاً ًاجود انواع الرمل وهو الرمل الاصفر المغسول وكذلك الحجر اللذان يستخرجان من مقالع كربلاء ويتم نقلهما الى معمل اسمنت السدة آنذاك وقسم منه ينقل الى بغداد.
اما عن العاملين بالمحطة اتذكر المرحوم شهاب وكان الموجه لحركة ماكنة القطار داخل المحطة ويرافقه المرحوم خضير كاظم النجم.. وكذلك كان رجل اسمه محمد عبيس الكندير.. هذا الرجل كان مسؤول عن عمال تحميل الرمل من المقلع، حالياً مكان السنات هي جهة حي الحسين(ع) ودائرة مديرية صحة كربلاء، وكانت هنالك مجموعة مسؤولة عن إدامة محرك القاطرات وهم من العمال الفنيين ويطلق عليهم آنذاك بـ(الگيرچمن) اي المسؤولين عن إدامة القاطرة الرئيسة ومنهم.. الفني غزاوي، وملا رحمن، وملا رحيمه وخضير كاظم. وهذه المجموعة مهمتها هي حركة القطار.
وكذلك يوجد كهربائيين في المحطة هما جوادي ومحمد علي.
وكذلك كان رجل مسؤول عن إدارة العمال اسمه جواد العيد.
وكذلك شخصين مسؤولين عن البريد الوارد الى كربلاء الذي كان يأتي بواسطة جوادر مقفلة بالشمع (مختومة) وهما خضير كريدي (رحمه الله) ويوجد أيضاً كهربائي آخر اسمه كاظم.
اما عن مدراء المحطة فلا اتذكر غير المرحوم يوسف العادلي والد الدكتور الشيخ عادل، والدكتورالشيخ عادل العادلي حفظه الله حيث كانت تربطني به معرفة سابقة انا كاتب هذا المنشور حيث التقيته اول مرة في منتصف تسعينيات القرن العشرين والتقيته مرة أخرى في العاصمة بغداد ايام الهجوم الامريكي على العراق في 2003م حينما كنت اذهب الى الصلاة وكان الشيخ يؤمنا في مرقد السيد ادريس بن الامام موسى الكاظم عليه لسلام.
محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية
محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية
ويسترسل الاخ الاستاذ حميد (ابو امجد) في حديثه قائلاً:
وكانا شخصان يعملان مع المرحوم صادق شوليه هما عبد الله النواب والثاني خضير النواب.
واما من منتسبي مركز الشرطة الذين عملوا آنذاك هم كل من:
المفوض علي، و ر.ع محسن، والعريف شكر من خانقين، والعريف حالوب، وش أول سيد محمد، وع طالب حسين وآخرين … وكان يوجد حراس ليليين عددهما اثنان هما موجد وكاطع.
ويواصل الاستاذ حميد حسين مناور المسعودي حديثه قائلاً:
تنقسم منطقة المحطة الى قسمين
القسم الاول.. بيت مدير المحطة يقابله من جهة اليسار بيت معاون المحطة و(المسافرخانات) مكان استراحة المسافرين وادارة المحطة و(رمبات) منصات التحميل الخاصة بالتمور والمواد الغذائية وتفريغها ومخازن التمور والمواد الغذائية.. وكان مقهى الحاج قاسم (رحمه الله) وصانعه عباس (رحمه الله) هو ملتقى كل أهل المنطقة لان كان يوجد فيها تلفاز اسود وابيض، وكان المقهى مجاور لمقر نقابة عمال السكك، وكانت من الجهة الثانية بيوت العمال والفنيين..
وايضاً كان خط سكك خاص بتفريغ المشتقات النفطية الآتية من مصفى الدورة في بغداد. فكانت حصة كربلاء من البنزين الذي يأتي هو على نوعين نوع بالحاويات الكبيرة والنوع الثاني بـ(التنكات) علب الصفيح.. اضافة الى الكاز والنفط الاسود والنفط الابيض الذي كان يفرغ بمحطة الوقود (البانزين خانه) الحالية بواسطة مضخات يدوية.. وكان هذا القطار الخاص بهذه المواد يأتي كل يومين او ثلاثة ايام…
كان أهل المنطقة متحابين وطيبين فرحهم واحد وحزنهم واحد وكلهم اخوة، ومن رجالاتهم حسين مناور.. حسين الصران.. متعب الطخاخ وحميد الدهش وحميد الدوشان والسيد ناصر الميالي وعبيد سباهي وفضيل(ابو مهدي) وبيت خضير كاظم النجم واخوته.. وبيت الحاج فليفل وعلي حمزة الغانمي وخضير كاظم وبيت طارش وامين البياتي وعبد علي عنوز والمرحوم عليوي وعمران السرهيد وكثيرون لاتحضرني اسمائهم وبيت وحيد عبد الحسين مع الاعتذار من عدم ذكر الاخوة الباقين…
واذكر ايضاً المحطة كان يزرع فيها كافة الخضروات وقليل مايحتاجه أهل المنطقة من السوق.
وكذلك كان يزرع فيها الخيار والبذنجان والطماطه إضافة الى الخضروات، وكانت هذه المزارع مفتوحة لكل أهل المنطقة فهي لاتباع أبداً لغيرهم فكان احدهم يدخل ويأخذ كفايته منها. حيث لايوجد اي عطار او بقال بالمنطقة… وكانوا يتسوقون من منطقة الميدان القديم مثل السكر والجاي والبقوليات من عطار اسمه مرزه علي (رحمه الله).
ومن حسن الصدف في يوم من الايام كان عمال الرمل في المقلع وهم يرومون تحميل الفراگين بالرمل (المقطورة الخاصة باحمال الرمل والحجر) عثروا على اربعة او خمسة قنابل قديمة ومصدية لكنها سليمة
ومكتوب عليها سنة الصنع ١٩١٤م، حينها اخبروا مركز الشرطة ومن ثم سلمت القنابل الى المتصرفية ..
كانت هذه المنطقة محصنة لايدخلها اي غريب ولها منفذ واحد ليلاً هو طريق محطة الوقود (البانزين خانه) وفي النهار طريق ثاني مجاور للمستشفى الحسيني بجانب الطب العدلي وهذا الطريق لايكون سالك ليلاً خوفاً من ردهة الجراحية ظناً من ان المنطقة مسكونة بعد الغروب.
ويوجد نهاية المحطة من الجهة الغربية بوابة تقع على طريق النجف فيها غرفة منام مخصصة للعامل المسؤول عن المزلقان وهو عبارة عن عوارض تقطع الطريق على السيارات من الجهتين لتأمين دخول القطار الى المحطة والذي مكانه حالياً مجسر فاطمة عليها السلام.
كذلك توجد غرفة فيها شخص يحدد مسار القطار فاذا كان يحمل ركاباً وفراكين تحميل يدخل المحطة الرئيسة واذا كانت الحمولة من مشتقات النفط يحول الى المسار الثاني باتجاه محطة الوقود (البانزين خانه).. وكان طول وعرض هذه الغرفة متر واحد ومبنية من الطابوق على شكل قوس (طيقان) غير مسلحة بالحديد، وينتهي واجب هذا العامل او الموظف المسؤول لحين خروج القطار من محطة كربلاء.
كان مسار القطار من محطة كربلاء الذي يسلك مكان السكة حالياً الطريق السريع ويتجه يميناً الى منطقة الحر الصغير وبعدها منطقة الجمالية ثم يتجه الى منطقة الامام عون ويتوقف لنقل الركاب باتجاه السدة وبعدها يتفرع الى الحلة ومن الحلة خط باتجاه البصرة وآخر باتجاه بغداد.
ويضيف لنا الاخ الدكتور محمد الوزني قائلاً:
اود ان اضيف بان والدي (رحمه الله) كان احد العاملين في المحطة كمأمور استهلاك وكان له غرفة خاصة مبنية من الآجر وموقعها مقابل محطة الوقود اي في الجهة الشرقية للمحطة من جهة مرقد السيد جودة وكانت آخر غرفة كبناء في المحطة وهي مجاورة لمخازن التمور وقريبة من بناية ادارة المحطة.
ويضيف لنا ايضاً الاخ الدكتور الصيدلي محمود القباني قائلاً: كان بجانب محطة الوقود (البانزين خانة) مقهى صغير صاحبها صكب وكنا نذهب إلى هذا المقهى كل مساء للعب الدومينو وكنا نسمى المقهى ايام زمان بـ( كلية صكب المسائيه!!).
ويذكر لنا الاخ الاستاذ حسين احمد الامارة بان احد العاملين في محطة القطار اسمه خلف الوزني والد كاظم وزيدان وجعفر.
ويذكر لنا السيد محمد علي الحسيني عن محطة قطار كربلاء قائلاً:
كان المسؤول عن قطع التذاكر وابطالها عند شباك التذاكر السيد محمود آل طعمة والتي كان القطار على درجتين درجة اولى واخرى درجة ثانية عندما كان صهرنا المرحوم المحامي السيد فخر الدين الحسيني مديراً للشعبة القانونية العامة للسكك وكان له امتياز السفربالقطار مجاناً وفي الدرجة الاولى.
وكنا نستقبله في المحطة وكانت واسطة النقل التي تنقلنا من والى المحطة هي عربات الخيل (الربلات) وبأجور زهيدة آنذاك.
الله يرحم كل العاملين بهذه المحطه ونعتذر لمن لم يأتي ذكره والله يحفظ اولادهم واحفادهم ونأمل من اي شخص لديه معلومة يحب اضافتها نحن لم نستذكرها، وبهذا القدر الذي مكنتنا ذاكرتنا عن هذه المنطقة ذات التأريخ الطيب والاصالة الكربلائية الطيبة مع سلامي للجميع.
محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية
محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية
المصدر/
١- الأستاذ حميد حسين مناور المسعودي.
٢- صفحة كربلاء في الذاكرة.
محطة قطار كربلاء وذاكرة كربلائية

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights