اخبار العراق

بحيرة الحبانية تجف وسط صمت حكومي

بحيرة الحبانية تجف وسط صمت حكومي – في سياق الظروف البيئية المعقدة التي يشهدها عالمنا اليوم، تأتي قضية جفاف البحيرات لتتصدر العناوين، مسببة اضطراباً واضحاً في قطاع السياحة.

حيث تحولت مدينة الحبانية السياحية الواقعة بالقرب من محافظة الأنبار بالعراق، من مكان ترفيهي رائع إلى منطقة يواجه تحديات كبيرة، على الرغم من أنها كانت وجهة سياحية مميزة، إلا أن التغييرات المناخية التي تواجهها العراق أثرت بشكل كبير على الجذب السياحي للمدينة.

لقد كانت بحيرة الحبانية دائماً منبعاً للجاذبية للسياح، ولكن موجات الجفاف التي عصفت بالبلاد في الآونة الأخيرة تسببت في انخفاض منسوب المياه بشكل ملحوظ، وتظهر آثار هذا الجفاف بوضوح على الشواطئ التي كانت ذات يوم مكتظة بالزوار.

اقرا أيضا: جفاف دجلة والفرات يدق ناقوس الخطر

تحدث محمد صاحب أحد المتاجر المحلية، عن تأثير الجفاف على أعماله، يقول: “لقد عملت هنا لسنوات، لكن الأوضاع أصبحت مختلفة هذا العام، فأعداد الزوار أقل بكثير مما كانت عليه في الماضي.”

الجدير بالذكر ان مدينة الحبانية تتمتع بسمعة جيدة كواحدة من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد تأسيسها في عام 1979، ولكن الظروف الحالية جعلت منها ظلًا لما كانت عليه.

وأخذ محمد الذي اختار عدم الإفصاح عن هويته بالكامل، يعبر عن قلقه وهو يقف أمام متجره المتخصص في بيع المرطبات والمياه بالإضافة إلى معدات وملابس السباحة، يشاركنا قائلاً: “أنه خلال الفترة الأخيرة وتحديداً خلال السنتين الماضيتين، شهد متجره نشاطاً تجارياً ملحوظاً، لكن الوضع قد تغير مؤخراً بسبب جفاف البحيرة الذي أدى إلى انحسار مستوى المياه بشكل كبير”.

اقرا أيضا: ما قصة رفع الراية البنفسجية في العراق

تراجع السياحة بسبب جفاف بحيرة الحبانية

المدير الإداري لقسم التدقيق والرقابة الداخلية في مدينة الرحبانية “السيد صالح محمد” يلقي الضوء على الأزمة من زاوية أخرى، حيث أوضح أن: “عدد الزوار الذين يقصدون المدينة قد شهد تراجعاً حاداً، ورغم الظروف الصحية التي فرضتها جائحة كورونا في 2020، استطاعت المدينة أن تحقق نحو 9 آلاف حجز في الشقق السياحية، لكن الأرقام انخفضت بشكل ملحوظ هذا العام، حيث لم تتجاوز الحجوزات 3 آلاف حتى الآن”.

لم تتوقف القضية عند هذا الحد، فالسيد صالح يستعرض بألم وحزن الوضع الذي توصلت إليه البحيرة الآن، وصفها بأنها “بركة ماء راكدة“، وأضاف قائلاً: “هذه البركة لا تصلح للشرب، وكذلك للسباحة”.

اقرا أيضا: هل نزلت رواتب المتقاعدين اليوم لعام 2023

فـ الأوضاع الحالية تستدعي النظر الجاد والتحرك السريع لمواجهة تحديات التغير المناخي والحفاظ على موارد المياه ودعم قطاع السياحة المتأثر مباشرةً بتلك التحديات.

منسوب متراجع وتأثيراته

يشير “جمال عودة سمير” مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار، إلى أن: “منسوب البحيرة الحالي يبلغ 500 مليون متر مكعب فقط، على الرغم من أن القدرة الاستيعابية للبحيرة تصل إلى 3.3 مليار متر مكعب”، ويضيف أن: “البحيرة كانت في عام 2020 ممتلئة تمامًا بالمياه”.

وتأتي هذه التغييرات نتيجة لتراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، مما أثر بشكل سلبي على المنسوب، كما أن نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويمر في سوريا ويزود البحيرة بالمياه، شهد تراجعًا في منسوبه مما أثر أيضًا على البحيرة.

اقرا أيضا: احصل على رابط منصة مظلتي اخر تحديث – هنا فقط

ويشير مدير الموارد المائية إلى أن: “النقص في الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا هو أحد أسباب انخفاض منسوب البحيرة ونهر الفرات”، ولمواجهة هذا الجفاف يجب أن تعمل الدول المعنية على زيادة إطلاقات المياه والالتزام باتفاقيات مشتركة لتنظيم تدفق المياه.

كما يجب تعزيز استدامة استخدام المياه في المنطقة، من خلال تشجيع استخدام تقنيات الري المتقدمة والمحافظة على الموارد المائية، ويمكن تطبيق سياسات تشجع على تقليل الهدر وتحسين كفاءة استخدام المياه في القطاعات المختلفة.

بحيرة الحبانية تجف وسط صمت حكومي
بحيرة الحبانية تجف,

تغير المناخ وأزمة المياه في العراق

مع دخول العراق عامه الرابع من فترة الجفاف، تشهد البلاد تفاقمًا متزايدًا في أزمة المياه، حيث العراق من بين الدول الخمس الأكثر تضررًا من آثار التغير المناخي، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة.

في ظل الأوضاع الحالية يعتبر المخزون المائي في العراق هو الأدنى على الإطلاق في تاريخ الدولة العراقية الحديثة، منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي.

اقرا أيضا: نشر مضادات أرضية على الاسطح في بغداد (فيديو)

فـ لم تشهد البلاد مثل هذا النقص الحاد في المياه، وقد أفاد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية “خالد شمال” في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الفرنسية بتدهور الوضع المائي وضرورة التصدي لهذه الأزمة.

الجدير بالذكر ان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة “فولكر تورك” زار العراق مؤخرًا وأبدى قلقه البالغ إزاء الوضع الحالي، وحذر تورك من تصاعد أزمة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في العراق، مشيرًا إلى أن “هذه الظروف تشكل تحديًا كبيرًا للعالم بأسره”.

هدي محمد

كاتبة محتوي في مختلف المجالات ومحررة مقالات، درست في قسم نظم المعلومات والتوثيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights