تحقيقات وتقارير

من يقف وراء إستهداف القضاة لتسهيل “تجارة المخدرات في العراق”

“تجارة المخدرات في العراق” شهد شهري يناير وفبراير الماضيين تصاعدا في حدة

اعمال العنف التي استهدفت قوى الامن الداخلي والقضاة

المسؤولين عن متابعة قضايا المخدرات في العراق الى درجة وصف الشهرين الماضيين من قبل وسائل الاعلام

الأجنبية مثل فرانس 24 بــ “الأشهر الأكثر دموية” فيما يتعلق بقضايا الاغتيالات والتصفيات، الصحف الأجنبية

تحدثت عن الأوضاع داخل المحافظات الجنوبية العراقية، منطلقة من محافظة ميسان أساسا لها.

أقرأ أيضا :ظاهرة المخدرات في العراق – متى إنتشرت وكيفية السيطرة عليها

تصاعد حدة العنف مؤخرا
الخلافات السياسية وانتشار العصابات المسلحة داخل المحافظة، عطل من قدرة الأجهزة الأمنية على السيطرة على أوضاع
محافظة ميسان مع تصاعد حدة العنف مؤخرا، الامر الذي قاد الى اهتمام من الصحف الأجنبية التيباتت ترى في محافظة
ميسان “منطقة تتعرض للتفكيك” بسبب الازمات الأمنية التي تمر بها، وأدت بشكل مباشر الى انتشار المخدرات بشكل
كبير. الأوضاع “الخطرة” على حد وصف فرانس 24، والتي تجري على المحافظة، باتت تشكل خطرا على المحافظات العراقية
الأخرى في وسط وجنوب البلاد، حيث تشهد المحافظة انتعاشا كبيرا في أسواق المخدرات من خلال استخدامها ليس فقط
كسوق تصريف، ولكن أيضا كممر امن لنقل تلك المخدرات الى باقي المحافظات العراقية، الامر الذي أدى الى مشاكل
اجتماعية بنسب غير مسبوقة داخل البلاد بحسب الصحيفة، بالإضافة الى وقوع جرائم عديدة بسبب انتشار المواد المخدرة.
عمليات اغتيال تستهدف جهود مكافحة المخدرات.. والقوات الأمنية “مهددة”
في الأيام الأولى لشهر فبراير الماضي، تعرض القاضي المختص بقضايا المخدرات احمد فيصل، الى استهدافمسلح أدى الى
مقتله في وسط محافظة ميسان بوضح النهار، بعد ان تم اعتراض سيارته من قبل مسلحينمجهولين، اطلقوا ما يزيد عن
الخمسة عشر رصاصة على سيارته الخاصة، في عملية اغتيال ما تزال قيد التحقيقبحسب ما أوردتمجلة ذا ناشيونال في
تقرير نشرته في السادس من فبراير الماضي.اغتيال فيصل كان اول حوادث الشهر، حيث تبع باغتيال الضابط في مكافحة
المخدرات حسام العلياوي، من قبلجهات مسلحة مجهولة أيضا داخل المحافظة، بالإضافة الى محاولات اغتيال أخرى طالت
ضباط في جهاز مكافحة المخدرات، وقضاة مسؤولين عن متابعة قضايا الاتجار والتعاطي بحسب ما بينت شبكة فرانس 24
، التي وصفت الحوادث بانها “الأكثر دموية فيما يتعلق بقضايا المخدرات في البلاد”.عمليات الاغتيال داخل المحافظة وصلت الى
الصراعات السياسية ساهمت في تقوية المؤسسات غير الرسمية
الصراعات السياسية ساهمت في تقوية المؤسسات غير الرسمية
الصراعات السياسية ساهمت في تقوية المؤسسات غير الرسمية
مراحل خطيرة من العنف والتكرير، حيث اكدت الشبكة، ان عملية اغتيال كانت قد وقعت أيضا داخل المحافظة واستهدفت هذه
المرة احد الشخصيات التابعة للأحزاب السياسية خلال زيارة كان يقوم بها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للوقوف على
الأوضاع الأمنية، الامر الذي دعا الكاظمي بحسب الشبكة الى استبدال القادة الأمنيين داخل المحافظة. قائد الجهاز الأمني في
المحافظة اللواء محمد جاسم الزبيدي، قال للشبكة، ان “محافظة ميسان باتت المنطقة الأكثر تجارة وتعاطي للمخدرات في
العراق، حيث تسجل وزارة الداخلية أرقاما تؤكد تحول المحافظة الى محطة عملاقة لنقل المخدرات الى داخل البلاد عبر
الحدود”، متابعا “تقوم قواتنا بعمليات دهم واعتقال بشكل يومي”، امر وصفته الشبكة بغير الكافي، مشيرة الى تصريح الناشط
في المحافظة صباح السيلاوي الذي اكد “ان جهود الأجهزة الأمنية داخل المحافظة تتعرض لمعوقات كبيرة بسبب الطبيعة
القبلية والعشائرية التي تسيطر عليها”.الشبكة أوضحت “ان سنين من الحروب والصراعات السياسية ساهمت في تقوية
المؤسسات غير الرسمية ومنها بعض العشائر داخل المحافظة، حيث يلجا الناس الى التقاليد والمعارف الشخصية لحل
الخلافات الشخصية بدلا من اللجوء الى الدولة وأجهزتها الأمنية، الامر الذي قاد الى اضعاف قدرة الدولة وجهازها الأمني على
السيطرة على المحافظات الجنوبية، وخصوصا ميسان”. احد ضباط الشرطة والذي اخفت الشبكة اسمه وصفته، اكد لها “ان
القوات الأمنية غير قادرة على تنفيذ القانون والاوامر داخل المحافظة بسبب النزعات العشائرية، حيث يتعرض ضباط وعناصر
الشرطة الى التهديد من بعض العشائر في حال اعتقال افراد متهمين بالتجارة بالمخدرات”، متابعا “التهديدات تطال في العادة
عوائل العناصر والضباط وتؤدي أحيانا الى عمليات قتل واغتيال”.
اصل المشكلة.. معبر الشيب تحول الى مركز صراع بين العصابات والجهات المتواطئة معها
وبينت الشبكة نقلا عن الشيخ كريم الحسيني، احد كبار مشايخ المحافظة، ان “معبر الشيب الذي كان من المفترض ان يكون
عامل رفاهية لسكانها، بات الان اكبر المشاكل التي تواجهها”، مشيرا الى الصراعات السياسية والخلافات على النفوذ بين
العصابات المتواطئة مع بعض تلك الجهات للسيطرة على المعبر الحدودي الذي يشهد عمليات نقل مخدرات بكميات كبيرة
بحسب الشبكة.احد ضباط الكمارك العاملين في المعبر، اكد للشبكة، ان “جهات مسلحة وعصابات تسيطر على المعبر
الحدودي تقوم بتهديد الموظفين والعاملين المسؤولين عنه واجبارهم على تمرير بضائع غير معروفة، من بينها المخدرات
والأغذية منتهية الصلاحية، وسط غياب كامل للحماية الأمنية من قبل الحكومة”، قبل ان يطلب من الشبكة إخفاء هويته خوف
ا من تعرضه للاغتيال.الشيخ الحسيني، رفض خلال تصريحاته للصحيفة الانتقادات التي توجه الى العشائر والاتهامات التي
تطالها بالتورط بعمليات الاغتيال وحماية المتهمين بتجارة المخدرات، مؤكدا ان “عشائر محافظة ميسان تمكنت من الحفاظ
على التعايش السلمي داخل المحافظة لسنوات”، ملقيا اللوم على معبر الشيب الحدودي والصراعات بين الجهات المتنفذة
والسياسية للسيطرة عليه كالسبب الرئيسي وراء انتشار المخدرات وعمليات الاغتيال داخل ميسان.
محاولات سياسية لــ “السيطرة على القضاء” بهدف تسهيل تجارة المخدرات
وفي اطار الحديث عن الاستهدافات التي تطال القضاة المسؤولين عن التحقيقات بقضايا المخدرات، اكدت شبكة المونيتر في
تقرير نشرته في الثالث والعشرين من فبراير الماضي، ان العراق بات يواجه “خطر حقيقي” بالإضافة الى الاخطار التي انتجتها
تجارة المخدرات، متمثلة بالنقص الحاد في اعداد القضاة الرسميين المتوفرين للبت في هذه القضايا وما قد يؤدي اليه من
تعطل في العمل العدلي داخل البلاد.الشبكة قالت ان ما يزيد عن 74 قاضيا تعرضوا للاغتيال في العراق منذ العام 2003 وحتى
اليوم، الامر الذي يمثل عبئ كبير على الدولة التي تعاني أساسا من نقص حاد في اعداد قضاتها، مؤكدة، ان الاخطار التي
يواجهها القضاة اليوم في العراق باتت حقيقية جدا وتتطلب “تحركا عاجلا” من الحكومة لأنهائه، خصوصا في محافظة
ميسان.رئيس هيئة النزاهة البرلمانية السابق القاضي رحيم العكيلي، اكد للشبكة ان “الاغتيالات التي يتعرض لها القضاة
اليوم في العراق هي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ البلاد”، متابعا “من النادر جدا ان يتم القاء القبض على ومحاسبة
مرتكبيها، خصوصا مع تزايد وتيرتها في الفترة الأخيرة”، وأضاف “عمليات الاغتيال قبل 2010 كانت تنفذ على أسس إرهابية
وطائفية، اليوم، من يقوم بعمليات الاغتيال هي عصابات جريمة منظمة وجهات متنفذة وأحزاب سياسية”، مشيرا الى الخطر
الاغتيالات المنظمة على القضاة العراقيين
الاغتيالات المنظمة على القضاة العراقيين
الاغتيالات المنظمة على القضاة العراقيين

 

أقرأ المزيد : لا حلول في الأفق المخدرات تغزو العراق

الكبير الذي يمثله هذا النوع من الاغتيالات المنظمة على القضاة العراقيين وتبعاته على البلاد بشكل عام .تبعات ذلك الخطر
بينها مفتش وزارة الداخلية السابق جمال الاسدي في تصريح للشبكة قائلا “يجب توفير الحماية الضرورية للقضاة للحرص
على سلامة استقلالهم وابقائهم بعيدين عن الصراعات والمشاكل السياسية، فحماية القضاة من أي اشكال ضغط هو امر
حيوي لاستمرارية المجتمعات”، ومشددا على ان الامر يزداد أهمية في العراق نتيجة لــ “قلة عدد القضاة العاملين في العراق
بالنسبة الى المعايير الدولية”، حيث أوضح “تتطلب المعايير الدولية وجود قاضي لكل مئة الف من السكان داخل أي بلد، مما
يعني بان العراق بحاجة الى ما لا يقل عن 2800 قاضي، الا ان البلاد حاليا لا يوجد فيها سوى 1600 قاضي فقط، بالإضافة الى
مدعي عام واحد”.
العكيلي وصف الاخطار التي تواجه البلاد نتيجة للاعداد المتضائلة من القضاة وما سيؤديه من تعطيل عمل القضاء الإضافة الى
التاثير السلبية على حياديته وقدرته على انفاذ القانون، متابعا بالقول “ان خسارة قاضي واحد في العراق هي خسارة عظيمة
للبلاد برمتها لان القضاة لا يصلون الى المرتبة القانونية التي هم عليها الا بعد سنوات طويلة من الدراسة والتدريب”، مشيرا
الى صعوبة تكليف قضاة جدد دون المؤهلات المطلوبة حسب المعايير الدولية.اما الخلافات السياسية فكان لها دورها في
تعريض القضاة للخطر، حيث قال القيادي السياسي في التيار الصدري رياض المسعودي في حديث للشبكة “ان المادة 87
من القسم الثالث للدستور العراقي تشدد بوضوح على ان السلطة القضائية داخل العراق هي مؤسسة منفصلة ومستقلة
تماما عن الدولة، الامر الذي يدفع بالعديد من الأحزاب والجهات السياسية المتنفذة الى محاولة السيطرة على القضاء من
خلال الترهيب والضغط”، مشددا على ضرورة ان “تقوم الأجهزة الأمنية بوظيفتها بحماية القضاء كونها خط الدفاع الأول ضد هذه
مذكرات الاعتقال ضد قادة الإرهاب
مذكرات الاعتقال ضد قادة الإرهاب
مذكرات الاعتقال ضد قادة الإرهاب والشخصيات الفاسدة في السلطة
الجهات”، على حد وصفه .واتهم العكيلي أيضا ما وصفها بــ “جهات سياسية” بمحاولة السيطرة على القضاء من خلال
الاغتيالات والتهديدات ضد القضاة، خصوصا وان القضاء “ما يزال بعيدا نسبيا عن سيطرة الأحزاب السياسية” على حد وصفه،
امر اتفق به الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، الذي اكد ان “القضاة مسؤولين عن اصدار مذكرات الاعتقال ضد قادة الإرهاب
والشخصيات الفاسدة في السلطة، الامر الذي جعلهم هدفا لتلك الأطراف”. الشبكة انهت تقريرها بالتأكيد على ضرورة حماية
القضاة في سبيل القضاء على الجهات الفاسدة التي تسيطر على محافظة ميسان وبعض المحافظات الجنوبية الأخرى والتي
حولتها الى محطات ضخمة لنقل المخدرات وخصوصا “مادة الكريستال”، كون القضاة مسؤولين عن تسيير العمليات الأمنية
التي تستهدف الجهات الفاسدة والعصابات المتواطئة معها في عمليات تجارة المخدرات داخل البلاد، موردة تصريحات للأستاذ
في العلوم السياسية البروفيسور احسان الشمري قال خلالها “ان هنالك مافيات عملاقة متواطئة مع جهات سياسية اجنبية
ومحلية متنفذة تعمل على تقويض الامن واستهداف القضاة لتسهيل عمليات تجارة المخدرات في العراق”، الامر الذي يجعل
من حماية القضاة “امرا ضروريا” على حد وصفه.
ترجمة “المطلع”

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights