تحقيقات وتقارير

الكهرباء: بين الغاز الايراني والهجمات المفتعلة والفساد وسوء الادارة وتقادم الشبكة

شبكة عراق الخير :

شهدت أغلب مدن العراق خلال الأيام القليلة الماضية انقطاعاً شبه تام للتيار الكهربائي، باستثناء إقليم كردستان.

وأشارت الأنباء إلى أن “عارضاً فنياً طارئاً” أدى إلى خروج جميع محطات التوليد عن العمل في المنطقة الجنوبية،

ومن ضمنها محطة الناصرية الحرارية ومحطة الناصرية المركبة.

وجاء انقطاع الكهرباء مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة حيث بلغت الحرارة في المناطق الجنوبية نحو 50

درجة مئوية الأمر الذي يؤدي عادة إلى زيادة الطلب على الكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف.

وكان وزير الكهرباء العراقي قد قدم استقالته من منصبه هذا الأسبوع بعد تصاعد الاحتجاجات على تردي واقع

الكهرباء.

التدهور الكبير في واقع الكهرباء ترافق مع توقف الجانب الإيراني عن تزويد العراق بالكهرباء والغاز بسبب تخلف

الجانب العراقي عن سداد الديون المتراكمة عليه والتي تقدر بمليارات الدولارات، حسبما تحدثت تقارير عديدة.

وتعاني ايران نفسها من أزمة في الكهرباء بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها. وتشير بعض التقديرات إلى

أن العراق يحصل على ثلث حاجته من إمدادات الكهرباء من إيران.

وتعاني إيران من أزمات اقتصادية عديدة بسبب تراجع أسعار النفط والعقوبات الأمريكية والغربية عليها كما أن

جائحة كورونا ألقت بظلالها على الإقتصاد الإيراني وبالتالي فهي بحاجة ماسة إلى العملة الصعبة لتمويل

مستورداتها الضرورية.

وحتى لو أرادت الحكومة العراقية سداد الديون الإيرانية فإنها غير قادرة بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على

طهران. وكانت الولايات قد سمحت للحكومة العراقية بدفع قيمة مستوردات العراق من السلع والبضائع الإيرانية

بالدولار لكن دون أن يشمل ذلك الغاز والكهرباء.

ويعتمد العراق على الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات توليد الكهرباء في جنوب البلاد وفي حال توقف

إيران عن إمداد العراق بالغاز فإن العجز في الكهرباء في البلاد قد تتجاوز نسبة الثلث.

وفي أوقات ذروة الطلب على الكهرباء في العراق في فصل الصيف تسد ايران العجز لدى الجانب العراقي.

ويستورد العراق ما بين 1.5 الى 1.8 مليار قدم مكعب من الغاز الإيراني يومياً.

ترافق ذلك مع تزايد الهجمات المنسقة التي تستهدف خطوط نقل الكهرباء الرئيسية في البلاد وخاصة أبراج نقل

الكهرباء التي يبلغ عددها في البلاد 46 ألف برج.

فخلال الشهر الماضي تضرر خط أساسي لنقل الطاقة في محافظة كركوك الشمالية بعد أن تم تفجير برجين

أساسيين حسب يبان لوزارة الكهرباء. وبلغ عدد الهجمات التي استهدفت شبكة نقل الكهرباء في البلاد 35

هجوماً خلال العام الجاري.

ولم تقتصر الهجمات على خطوط نقل الطاقة بل شملت محطات توليد الكهرباء.

فقد تبنى تنظيم “الدولة الإسلامية” قصف محطة سامراء الكهربائية التي افتتحها مؤخراً رئيس الوزراء العراقي

مصطفى الكاظمي بصواريخ الكاتيوشا.

وقال بيان مقتضب لوزارة الكهرباء العراقية إن الهجوم تسبب بأضرار جسيمة بأجزاء وحدة توليد الكهرباء في المحطة.

في عام 2018 بلغت حاجة العراق من الكهرباء خلال موسم الذروة في الصيف حوالي 27 جيغاواط بينما المتوفر كان 19.3 جيغاواط.

بدء تجهيز

وبلغت الاستطاعة النظرية لمحطات توليد الكهرباء في العراق في عام 2018 نحو 33 جيغاواط بينما

المتوفر أقل من ذلك بكثير ( 19.3 جيغاواط ) وتبلغ حاجة العراق في الأحوال العادية نحو 28 مليار

جيغاواط وفي موسم الذروة يتجاوز 30 مليار جيغاواط بكثير حسب وزارة الكهرباء العراقية.

وبلغت نسبة الفاقد في الطاقة الكهربائية المنتجة في العراق خلال الفترة من 2008 إلى 2018 حوالي

52 في المئة وهي من أعلى النسب في العالم بسبب سوء أحوال شكبة توزيع الكهرباء وتقادمها

إضافة الى السرقات الكثيرة.

“هناك سوء إدارة أدى إلى عدم استثمار حقول الغاز العراقية العملاقة، لا سيما المنصورية وعكاز اللذين

تصل نقاوة الغاز فيهما إلى 97 في المئة، بينما الغاز الإيراني نسبة الشوائب فيه عالية ما يضطر

الفنيين إلى تنظيف الفلاتر الخاصة بالمحطات الكهربائية أسبوعياً”، ويبيّن العقابي ان الجانب الإيراني

يحتاج إلى الغاز في فصل الشتاء.

ومن المستبعد أن يقوم العراق باستيراد الغاز من دول الجوار، بخاصة السعودية لكونه بحاجة إلى مد

أنابيب معها، الأمر الذي يستلزم وقتاً ومالاً، بحسب العقابي الذي أكد أن استثمار حقول الغاز تكون

أفضل لأنها تحقق الفائدة الكبرى وتشغّل الأيدي العاملة.

العرض السعودي

وتنعدم الحلول حالياً لسدّ نقص الغاز الإيراني لتجهيز محطات الكهرباء وبالإمكان البدء بتنويع مصادر

المادة الحيوية المستوردة، خصوصاً من قبل دول الجوار قبيل الانتهاء من استثمار الحقول الغازية

العراقية بحسب متخصصين في الشأن النفطي.

ويدعو الخبير كوفند شيرواني إلى أن تبحث بغداد عن شركاء آخرين لا محاذير دولية حولهم لإمداد البلاد

بالغاز، مشدداً على ضرورة الاستفادة من العرض السعودي. ويضيف، “العراق يستورد الغاز والطاقة

الكهربائية من إيران لسدّ النقص الذي يواجهه، بالتزامن مع وجود طلب عالمي على المحروقات في

فصل الشتاء، لا سيما الغاز”. ويوضح أن البدائل الأخرى تتمثل في استثمار فرصة العرض السعودي

بتجهيزه بالكهرباء عن طريق الربط الخليجي، الذي تصل كلفته إلى ثلث سعر ما يستورده حالياً من

إيران، والعرض الأخير أجهض من قبل بعض الأطراف المقربة من طهران.

وتقترب الموافقة الأميركية على استثناء العراق من العقوبات على جارته لاستيراد الغاز منها، والبالغة

مدتها 45 يوماً، من الانتهاء، ولهذا فإن من الصعب استيراد الغاز مجدداً من الرياض بحسب شيرواني

الذي أشار إلى ضرورة البحث عن بدائل تتمثل في تطوير الحقول الغازية واستثمار الغاز المصاحب،

مضيفاً في الوقت ذاته أن إقليم كردستان لديه عدد من حقول الغاز تجهّز المحطة الكهربائية في

السليمانية وأربيل، وسيكون هناك فائض يمكن أن تجهّز من خلاله المحطات الكهربائية في العراق.

نحتاج إلى ثلاث سنوات

وتتطلب الحلول المتوقعة لسدّ حاجة الغاز العراقي إلى فترة زمنية قد تصل إلى ثلاث سنوات إذا ما

سارت الأمور بشكل إيجابي في البلاد. ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري إنه بعد إكمال كل

المشاريع المستثمرة للغاز لن نحتاج إلى استيراده من أي دولة، مردفاً أن الدولة العميقة تحاول عرقلة

هذه المشاريع بغية استمرار الاستيراد من إيران.

ويبدو أن لجنة الطاقة في مجلس النواب العراقي كان لها رأي آخر يتعلق بأزمة البلاد الاقتصادية، عازية

سبب قطع الغاز الإيراني إلى عدم تسديد وزارة النفط مستحقات الجانب الإيراني على مدى عام كامل.

ويقول عضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي أمجد العقابي إن البلد ينفق سنوياً أكثر من 2.2

مليار دولار

من استيراد الغاز من إيران، معتبراً أن الحل الأفضل هو استثمار حقلَي عكاز والمنصورية الغازيين في

محافظتي الأنبار وديالى.

ويمكن أن توفّر السعودية للعراق كمية من الغاز المصاحب في الحقول النفطية، ربما تعوّض ما يُستورد

من طهران بحسب الجواهري الذي يرجح أن يبقى العراق بحاجة للغاز كونه مقبلاً على التنمية

المستدامة وهو لا يستطيع الاستغناء عن الاستيراد حتى لو اكتملت كل مشاريع عمليات استثمار الغاز.

 

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights